عمرو بن ربيعة وابن عباس

يحكى أن عبدالله بن عباس (ت68هـ) كان يوماً جالساً في المسجد الحرام، وعنده نافع بن الأزرق، وناس من الخوارج يسألونه في امور الدين، إذ أقبل عمر بن ابي ربيعة في ثوبين مصبوغين موردين، فدخل وجلس ثم اقبل عليه ابن عباس وقال له انشدنا فأنشده قصيدته في آل نعم:

أمن آل نعم أنت غاد فمبكر
           غداة غد أم رائح فمهجر
 فحيَت إذا فاجأتها فتولهت
         وكادت بمخفوضِ التحيةِ تجهرُ.
وقالت وعضًت بالبنانِ فضحتني
        وأنت امرؤ ميسورُ أمرك أعسرُ.
أريتك إذا هنا عليك ألم تخف
         رقيبا وحولي من عدوك حضًرُ.
فوالله ماأدري أتعجيل حاجة
      سرت بك ام قد نام من كنت تحذر.
فقلت لها : بل قادني الشوق والهوى
           إليك ومانفس من الناس تشعرُ.
فقالت وقد لانت وأفرخ روعها
                 كلاك بحفظ ربك المتكبرً.
فأنت أبا الخطاب غير مدافع
             على أمير_ مامكثت _مؤمر.
فبتٌ قرير العين أُعطِيت حاجتي
               أقبل فاها في الخلاء فأكثر. 
فيالك من ليل تقاصر طوله
            وماكان ليلي قبل ذلك يقصر.
هنيئا لأهل العامرية نشرها ال
                  لذيذ وريًاها التي أتذكرُ
فَقامَت إِلَيها حُرَّتانِ عَلَيهِما
          كِساءانِ مِن خَزٍّ دِمَقسٌ وَأَخضَرُ
فَقالَت لِأُختَيها أَعينا عَلى فَتىً
          أَتى زائِراً وَالأَمرُ لِلأَمرِ يُقدَرُ
فَأَقبَلَتا فَاِرتاعَتا ثُمَّ قالَتا
       أَقِلّي عَلَيكِ اللَومَ فَالخَطبُ أَيسَرُ
 فَقالَت لَها الصُغرى سَأُعطيهِ مِطرَفي
       وَدَرعي وَهَذا البُردُ إِن كانَ يَحذَرِ
يَقومُ فَيَمشي بَينَنا مُتَنَكِّراً
      فَلا سِرُّنا يَفشو وَلا هُوَ يَظهَرُ
فَكانَ مِجَنّي دونَ مَن كُنتُ أَتَّقي
     ثَلاثُ شُخوصٍ كاعِبانِ وَمُعصِرُ
فَلَمّا أَجَزنا ساحَةَ الحَيِّ قُلنَ لي
     أَلَم تَتَّقِ الأَعداءَ وَاللَيلُ مُقمِرُ
وَقُلنَ أَهَذا دَأبُكَ الدَهرَ سادِراً
     أَما تَستَحي أَو تَرعَوي أَو تُفَكِّرُ
إِذا جِئتِ فَاِمنَح طَرفَ عَينَيكَ غَيرَنا
    لِكَي يَحسِبوا أَنَّ الهَوى حَيثُ تَنظُرُ
 
فأقبل ابن الازرق على عبدالله بن عباس وقال له، لله أنت يا ابن عباس إنا نضرب إليك أكباد الأبل من أقاصي البلاد نسألك عن الحلال والحرام فتتثاقل عنا، ويأتيك غلام مترف من مترفي قريش فينشدك:

رأت رجلاً أما اذا الشمس عارضت
                فيخزي واما بالعشي فيخسر

فقال ابن عباس: ليس هكذا قال وإنما قال:

رأت رجلاً أما اذا الشمس عارضت
              فيضحى وأما بالعشي فيخصر

فقال ابن الازرق:

ما أراك الا وقد حفظت البيت، قال: اجل وان شئت انشدتك القصيدة إياها ، قال فإني اشاء ، فأنشده القصيدة حتى أتى على آخرها ، وما سمعها قط الا مرة واحدة .فقال ابن الازرق : والله ما رأيت احفظ منك .

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

أبوكبير الهذلي وتأبط شراً

جرير والفرزدق والأخطل والاعرابي

من حكم العرب