لذات الحس

تأملت خصومات الملوك ، وحرص التجار ، ونفاق المتزهدين ، فوجدت جمهور ذلك على لذات الحس ، وإذا تفكر العاقل في ذلك علم أن أمر الحسيات قريب ، يندفع بأقل شيء ، وأن الغاية لا يمكن نيلها وإن بالغ عاد بالأذى على نفسه أضعاف ما ناله من اللذة ، كمن يأكل كثيراً أو ينكح كثيراً ، فالسعيد من اهتم لحفظ دينه ، وأخذ من ذلك بمقدار الحاجة .

وتفكر في أحوال السلاطين كيف قتلوا ظلماً وكم ارتكبوا حراماً ، وما نالوا إلا يسيراً من لذات الحس ، فانقشع غيم العمر عن لذات الفضائل ، وحصول العقاب ، فليس في الدنيا أطيب عيشاً من منفرد عن العالم بالعلم .

 

 

صيد الخاطرلابن الجوزي (ت597هـ)

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

أبوكبير الهذلي وتأبط شراً

جرير والفرزدق والأخطل والاعرابي

من حكم العرب