فطنة هارون الرشيد

دخلت امرأة على هارون الرشيد (ت193هـ) وعنده جماعة من وجوه أصحابه ، فقالت : يا أمير المؤمنين : أقر الله عينيك ، وفرحك بما أتاك ، وأتم سعدك ، لقد حكمت فقسطت ، فقال لها : مَن تكونين أيتها المرأة ؟ فقالت : من آل برمك ممن قتلت رجالهم ، وأخذت أموالهم . فقال هارون : أما الرجال فقد مضى فيهم أمر الله ، ونفذ فيهم قدره ، وأما المال فمردود إليك ، فلما خرجت ، التفت للحاضرين فقال : أتدرون ماقالت هذه المرأة ، فقالوا : مانراها قالت إلا خيرا . فقال : ما أظنكم فهمتم ذلك ، أما قولها أقر الله عينك ، أي أسكنها عن الحركة ، وإذا سكنت عن الحركة عميت ، وأما قولها : وفرحك بما آتاك ، فأخذته من قوله (( حتى إذا فرحوا بمآ أوتوا أخذناهم بغتةً )) وأما قولها : وأتم الله سعدك ، فأخذته من قول الشاعر :
إذا تم أمرٌ بدا نقصُهُ
            ترقّب زوالاً إذا قيل ، تمّ
واما قولها : لقد حكمت فقسطت ، فأخذته من قوله (( وأما القاسطون فكانوا لجهنم حطبا )) 
.

قصص العرب المجلد ٢

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

أبوكبير الهذلي وتأبط شراً

جرير والفرزدق والأخطل والاعرابي

من حكم العرب