دار العدل

كان سبب بنائه تزايد عدد من الأمراء في دمشق ، وبخاصة أسد الدين شيركوه وتماديهم في اقتناء الأملاك ، وتجاوز بعضهم حقوق البعض الآخر ، فكثرت الشكاوى إلى القاضي كمال الدين الشهرزوري فأنصف بعضهم من بعض لكنه لم يقدم على الأنصاف من شيركوه ، فأنهى الحال إلى نور الدين محمود (ت569هـ) فأصدر أمر ببناء دار العدل ، يقول ابن الأثير : فلما سمع شيركوه ذلك أحضر نوابه جميعهم ، وقال لهم : اعلموا أن نور الدين ما أمر ببناء هذا الدار إلا بسببي وحدي ، وإلا فمن هو الذين يمتنع على القاضي كمال الدين ؟ والله لئن حضرت إلى دار العدل بسبب أحدكم لأصلبنه فامضوا إلى كل من بينكم وبينه منازعة فافصلوا الحال معه وأرضوه بأي شيء ممكن ولو أتى على جميع ما بيدي ، فقالوا له : إن الناس إذا علموا هذا اشتطوا في الطلب . فقال شيركوه : خروج أملاكي من يدي أسهل عندي من أن يراني نور الدين بعين أني ظالم ، أو يساوي بيني وبين آحاد العامة في الحكومة ، فخرج أصحابة من عنده وفعلوا ما أمرهم ، وأرضوا خصماءهم وأشهدوا عليهم ، فلما فرغت دار العدل جلس نور الدين فيها لفصل الحكومات ، فلم يحضر أحد عنده يشكو من شيركوه ، فعرف حاله ، فقال نور الدين : الحمد لله إذ أصحابنا ينصفون من أنفسهم قبل حضورهم عندنا .

 

 

الروضتين في أخبار الدولتين لأبي الشامة

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

أبوكبير الهذلي وتأبط شراً

جرير والفرزدق والأخطل والاعرابي

من حكم العرب