لولا فصاحتهم لضربت اعناقهم
أمر الحجاج بن يوسف (ت95هـ) صاحب حرَسه أن يطوف بالليل ، فمن رآه بعد العشاء سكران ضرب عنقه ، فوجد ثلاثة فتيه يتمايلون ، وعليهم أمارات السكر ، فأحاطت بهم الغلمان ، فقال لهم صاحب الحرس : من أنتم حتى خالفتم أمر الأمير ، وخرجتم في مثل هذا الوقت ؟ فقال أحدهم :
أنا ابن من دانتِ الرِقابُ له
مابين مخزومِها وهاشِمها
تأتيه بالرغمِ وهي صاغرةٌ
يأخذ من مالِها ومن دَمها
فأمسك عنه ، فقال لعله من أقارب أمير المؤمنين ، ثم قال للآخر ومن أنت ؟ فقال :
أنا ابن لمن لا تنزل الدهر قِدرُهُ
وإن نزلت يوماً فسوف تعود
ترى الناس أفواجاً إلى ضوءِ ناره
فمنهم قيامٌ حولها وقعود
فأمسك عنه ، فقال لعله ابن أشرف العرب ، فقال للآخر : ومن أنت ؟ فقال :
أنا ابنٌ لمن خاض الصفوف بعزمِهِ
وقومها بالسيف حتى استقامتِ
وركباه لا ينفك رجلاه منها
إذا الخيلُ في يوم الكريهة ولتِ
فأمسك عنه ، قال لعله ابن اشجع الناس ، واحتفظ عليهم
فلما كان الصبح رفع أمرهم إليه ، فأحضرهم للحجاج فكشف عن حالهم فإذا الأول ابن حجام ، والثاني ابن فوال ، والثالث ابن خياط
فتعجب من فصاحتهم ، وقال لجلسائه : علموا أولادكم الأدب ، فوالله لولا فصاحتهم لضربت أعناقهم .
مجاني الأدب لرزق الله بن يوسف (ت1364هـ)المجلد 3
تعليقات
إرسال تعليق