من أي بيضة درج ، ومن أي عش خرج

نزل عبيدالله بن عباس (ت٥٨هـ)في مسير له مع مولى له على خيمة رجل من الأعراب، فلما رآه الأعرابي أعظمه وأجله، ورأى حسنه وشكله، فقال لامرأته: ويحك ماذا عندك لضيفنا هذا؟
فقد توسمت فيه الخير ؛ فإن يكن من مضر فهو من بني هاشم ، وإن يكن من اليمن فهو من بني آكِلِ المُرَار (حميَر ، ملوك قحطان )
فقالت: ليس عندنا إلا هذه الشويهة التي حياة ابنتك من لبنها.
فقال: إنه لا بد من ذبحها.
فقالت: أتقتل ابنتك؟
فقال: وإنّ ؟! فأخذ الشفرة والشاة وجعل يذبحها ويسلخها، وهو يقول مرتجزاً :

يا جارتي لا توقظي بنية *
إن توقظيها تنتحب عليه
وتنتزع الشفرة من يديه

ثم هيأها طعاما فوضعها بين يدي عبيد الله ومولاه فعشاهما، وكان عبيد الله قد سمع محاورته لامرأته في الشاة، فلما أراد الارتحال قال لمولاه: ويلك ماذا معك من المال؟
فقال: معي خمسمائة دينار فضلت من نفقتك.
فقال: ادفعها إلى الأعرابي.
فقال: سبحان الله! تعطيه خمسمائة دينار، وإنما ذبح لك شاة واحدة تساوي خمسة دراهم؟
فقال: ويحك والله لهو أسخى منا وأجود، لأنا إنما أعطيناه بعض ما نملك، وجاد هو علينا بجميع ما يملك، وآثرنا على مهجة نفسه . 
فبلغ ذلك معاوية فقال: لله در عبيد الله من أي بيضة خرج؟ ومن أي شيء درج.


خزانة الأدب المجلد ٣ للأزراري (ت٨٣٧هـ)

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

أبوكبير الهذلي وتأبط شراً

جرير والفرزدق والأخطل والاعرابي

من حكم العرب