رزقي سوف يأتيني
عن يحيى بن عروة بن أُذَيْنَةَ ، قال: أضاقَ أبي إضاقةٌ شديدة ، وتعذَّرت عليه الأمور ، فعمل شعرًا امتدح به هشام بن عبد الملك(ت127هـ) ، ودخَل عليه في جملة الشعراء ، فلمَّا دخلوا عليه نسبهم ، فعرفهم جميعًا وقال لعروة : أنشدني قولك : لقد علمت... فأنشده :
لَقَدْ عَلِمْتُ وَمَا الإِشْرَافُ مِنْ خُلُقِي
أَنَّ الَّذِي هُوَ رِزْقِي سَوْفَ يَأْتِينِي
أَسْعَى لَهُ فَيُعَنِّينِي تَطَلُّبُهُ
وَلَوْ جَلَسْتُ أَتَانِي لاَ يُعَنِّينِي
وَأَيُّ حَظِّ امْرِئٍ لاَ بُدَّ يَبْلُغُهُ
يَوْمًا وَلاَ بُدَّ أَن يَحْتَازَهُ دُونِي
لاَ خَيْرَ فِي طَمَعٍ يَهْدِي إِلَى طَبَعٍ
وَعُلْقَةٌ مِنْ قَلِيلِ العَيْشِ تَكْفِينِي
لاَ أَرْكَبُ الأَمْرَ تُزْرِي بِي عَوَاقِبُهُ
وَلاَ يُعَابُ بِهِ عِرْضِي وَلاَ دِينِي
أَقُومُ بِالأَمْرِ إِمَّا كَانَ مِنْ أَرَبِي
وَأُكْثِرُ الصَّمْتَ فِيمَا لَيْسَ يَعْنِينِي
كَمْ مِنْ فَقِيرٍ غَنِيِّ النَّفْسِ تَعْرِفُهُ
وَمِنْ غَنِيٍّ فَقِيرِ النَّفْسِ مِسْكِينِ
وَكَمْ عَدُوٍّ رَمَانِي لَوْ قَصَدْتُ لَهُ
لَمْ يَأْخُذِ الْبَعْضَ مِنِّي حِينَ يَرْمِينِي
فقال هشام: ألا جلست في بيتك حتى يأتيك رزقك ؟ فقال عروة : ذكرتَ ناسياً .
ثم غفل عنه هشام ، فخرج من وقته ، وركب راحلته ، ومضى منصرفًا .
فافتَقَده هشام ، فسأل عنه ، فعرف خبره ، فأتبعه بجائزة .
فمضى الرسول، فلحقه على ثلاثة فراسخ ، وقد نزل على ماء يتغدَّى عليه ، فقال له الرسول : يقول لك أمير المؤمنين : أردت أنْ تكذبنا ، وتصدِّق نفسك ؟ هذه جائزتك .
فقال عروة : قل له : قد صدقني الله ، وأتاني برزقي حتى داري .
الفرج بعد الشدة للتنوخي
تعليقات
إرسال تعليق