أمثلكم يحتاجُ إليّ ؟!؟!؟!

أوصى نزار بن معد بن عدنان (( من أجداد النبي صلى الله عليه وسلم)) أبناءه : مضر ، وإياد ، وربيعة ، وأنمار ، أن إذا اختلفوا في القسمة أن يذهبوا يحتكموا إلى الأفعى الجرهمي ، فاختلفوا فذهبوا إليه ليحكم بينهم فبينما هم يسيرون في مسيرهم إذ رأى مضر كلأ قد رعى ، فقال : إن البعير الذي قد رعى هذا الكلأ لأعور ، وقال ربيعة : هو أزور ، وقال إياد : هو أبتر ، وقال أنمار : هو شرود ، فلم يسيروا إلا قليلاً حتى لقيهم رجل تسرع به راحلته ، فسألهم عن بعيره ، فقال مضر : أهو أعور ؟ قال : نعم ، فقال ربيعة : أهو أزور ؟ قال : نعم ، فقال إياد : أهو أبتر ؟ قال : نعم ، فقال أنمار : أهو شرود ؟ قال : نعم ، هذه صفة بعيري فدلوني عليه ،   فحلفوا له ما رأوه ، فلزمهم ، وقال : كيف أصدقكم وهذه صفة بعيري ، فساروا جميعاً حتى قدموا نجران فنزلوا على الأفعى الجرهمي ، فقص عليه صاحب البعير حديثه فقال لهم الجرهمي : كيف وصفتموه ولم تروه ؟
فقال مضر : رأيته يرعى جانباً ، ويدع جانباً ، فعرفت أنه أعور ، وقال ربيعة : رأيت إحدى يديه ثابته ، والأخرى فاسدة الأثر ، فعرفت أنه أزور ، وقال إياد : عرفت أنه أبتر باجتماع بعره ، ولو كان أذنب لمصع به ، وقال أنمار : عرفت أنه شرود ، أنه يرعى المكان الملتف نبته ، ثم يجوز إلى مكان أرق منه نبتاً وأخبث . فقال الجرهمي : ليسوا بأصحاب بعيرك فاطلبه .
ثم سألهم من هم ؟ فأخبروه فرحب بهم ، وقال : أتحتاجون أنتم إلي ، وأنتم كما أرى ؟ فدعا لهم بطعام ، فأكلوا وشربوا ؟ فقال مضر : لم أر كاليوم خمراً أجود ، لولا أنها نبتت على قبر ، وقال ربيعة : لم أر كاليوم لحم أطيب ، لولا أنه ربي بلبن كلبة ، وقال إياد : لم أر كاليوم رجلاً أشرف ، لولا أنه لغير أبيه الذي ينتمي إليه ، وقال أنمار : لم أر كاليوم أنفع لحاجتنا .
وسمع الجرهمي الكلام فعجب ، فأتى أمه فسألها ، فأخبرته : أنها كانت تحت ملك لا يولد له ، فكرهت أن يذهب الملك ، فأمكنت رجلاً من نفسها ، فحملت به ، وسأل القهرمان عن الخمر ، فقال : من حبلة غرستها على قبر أبيك ، وسأل الر اعي عن اللحم ، فقال : شاة أرضعتها لبن كلبة . فقيل لمضر : من أين عرفت الخمر ؟ فقال : لأني أصابني عطش شديد ، وقال لربيعة : فذكر كلاماً .
 
 
 
الكامل في التاريخ لابن الأثير المجلد 2

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

أبوكبير الهذلي وتأبط شراً

جرير والفرزدق والأخطل والاعرابي

من حكم العرب