اقتلوا قاتل الكلب
يروى أن رجلاً حكيما ينتمي لإحدى القبائل العربية القديمة كان يعيش مع أولاده وبناته في إحدى البوادي وكان لهم إبل وغنم يرعونها ويعتاشون منها ، ولهم كلب يحمي الغنم من الذئاب واللصوص.
وفي يومٍ من الأيام جاء احد السفهاء وقتل كلب الحراسة .
هرع الأبناء وأخبروا والدهم الشيخ بالأمر وقالوا له :
- إن فلانا إبن فلان قتل كلبنا، فبماذا تُشير علينا؟
فقال :
- اذهبوا واقتلوا من قتل الكلب .
تعجّب الأبناء من جواب والدهم ، وتشاوروا فيما بينهم ، هل ينفذون أمر أبيهم بقتل قاتل كلبهم ؟
وبعد طول جدال استقرّ رأيهم على أن أبيهم قد كَبُرَ وأصاب عقله الخرف ، فهل من المعقول أن يُقدِموا على قتل إنسان مقابلَ كلب، وأهملوا أمر أبيهم ولم ينقادوا لمشورتِه.
مرّت الأيّام تتالى وبعد حوالي شهرين ونيِّف هجم اللصوص وساقوا إبل الرجل وغنمه دون أن يعترضهم أحد .
فزِع أبناء الشيخ الى أبيهم وقالوا إن اللصوص هجموا علينا وساقوا الإبل والغنم.
فردّ عليهم أبوهم : اذهبوا واقتلوا قاتل الكلب.
خرج أبناؤه وهم يقولون إنّ أبانا أصابه الجنون نحدثه عن اللصوص وسرقة الإبل والغنم فيقول اقتلوا قاتل الكلب .
وما هي إلاّ فترة قصيرة حتى غزتهم إحدى القبائل وسبَتْ إحدى بنات الشيخ وساقوها معهم ، فهرع الأولاد إلى أبيهم من جديد وقالوا :
لقد استباحوا بيضتنا وسُبِيتْ أختنا .
أجابهم أبوهم اقتلوا من قتل الكلب.
فجلس الأولاد يفكرون في أمر هذا الشيخ الكبير هل جُنّ أم تمكّن منه الخرف فعلاً ؟!
أعلن الإبن الأكبر أنّه سيُنفّذ أمر أبيه ولنرى ما سيكون .
إستلّ سيفه وذهب إلى قاتل الكلب وقتله.
فطارت أخبار قتلهم لقاتل كلبهم ، وطافت الآفاق ، ووصل الخبر إلى مسامع اللصوص فخافوا وقال كبيرهم :
إن كانوا قتلوا قاتل كلبهم فكيف سيفعلون بنا وقد سرقنا إبلهم وغنمهم ، وفي عتمة الليل تسلل اللصوص وأعادوا الإبل والغنم الى مراعي الرجل .
ووصلت أخبار قتل قاتل الكلب إلى مسامع زعيم القبيلة المغيرة السابية لبنت الرجل فدعا أفراد القبيلة للتشاور فقالوا إن كانوا قتلوا رجلاً بكلب فماذا سيفعلون معنا وقد سبينا إبنتهم فأعادوا الفتاة وخطبوها لابن شيخ قبيلتهم.
وهكذا ذاع صيتهم وهابتهم باقي القبائل.
وعندها فقط فهم أبناء الشيخ حكمة أبيهم وأنه رجل ٌ حكيم لم يخرّف وأنّهم لو عملوا بما طلبه به من أوّل الأمر لما وقعوا فيما أصابهُم.
تعليقات
إرسال تعليق