استحضرت هيبة الله

يروى أن السلطان نجم الدين أيوب احتفل بيوم العيد في القلعة ، والعساكر مصطفةً من حوله ، والأمراء تقبِّل الأرض بين يديه ، وجماهير الناس محتشدة ، فناداه العز بن عبدالسلام (ت660هـ) باسمه المجرد قائلاً : يا أيوب ماحجتك عند الله إذا قال لك : ألم أبوِّىء لك ملك مصر ، ثم تبيع الخمور ؟ فقال نجم الدين : هل جرى ذلك ؟ فقال العز : نعم ، الحانة الفلانية يباع فيها الخمور وغيرها من المنكرات . وأنت تتقلب في نعمة هذه المملكة ، ينادي كذلك بأعلى صوته ، والعساكر واقفون ، فكسره الله وأذله ، وأدخل هيبة الشيخ في قلبه ، فقال نجم الدين : ياسيدي هذا أنا ماعملته ، هذا من زمان أبي . فقال الشيخ : أنت من الذين يقولون : (إنا وجدنا آباءنا على أمة) ، فوجم السلطان ، ثم رسم بإبطال تلك الحانة .
يقول الباجي " أحد تلاميذ الشيخ" : سألت الشيخ لما جاء من عند السلطان ، وقد شاع هذا الخبر : ياسيدي كيف الحال ؟ فقال : يابني رأيته في تلك العظمة ، فأردت أن أهينه ، لئلا تكبر نفسه فتؤذيه ، فقلت : ياسيدي أما خفته ؟ فقال الشيخ : والله يابني استحضرت هيبة الله ، فصار السلطان قدامي كالقط .




طبقات السبكي 8

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

أبوكبير الهذلي وتأبط شراً

جرير والفرزدق والأخطل والاعرابي

من حكم العرب