قوة حفظ الامام البخاري

لما قدم البخاري (ت256هـ) إلى بغداد ، أراد أصحاب الحديث امتحان حفظه ، فعمدوا إلى مئة حديث ، فقلبوا متونها وأسانيدها ، وجعلوا متن هذا الإسناد لإسناد آخر ، و اسناد هذا المتن لمتن آخر ، ودفعوها إلى عشرة رجال ، لكل رجل عشرة أحاديث ، وأمروهم أن يلقوا ذلك على البخاري .

فحضروا  ، وحضر غيرهم ، فلما اطمأن المجلس بأهله ، أنتُدِب رجل من العشرة ، فسأله عن حديث من تلك الأحاديث المقلوبة ، فقال البخاري : لا أعرفه . فما زال يلقي عليه واحداً بعد الآخر حتى فرغ ، والبخاري يقول : لا أعرفه . ثم انتدب الرجل الثاني ، ثم الثالث والرابع إلى تمام العشرة ، حتى فرغوا كلهم من إلقاء تلك الأحاديث المقلوبة والبخاري لا يزيدهم على : لا أعرفه .

فلما علم أنهم قد فرغوا ، التفت إلى الأول ، وقال له : أما  حديثك ، فقلت كذا وصوابه كذا ، وحديثك الثاني كذا وصوابه كذا ، والثالث والرابع ....... حتى أتى على تمام العشرة ، فرد كل متن إلى إسناده ، وكل إسناد إلى متنه ، وفعل بالآخرين مثل ذلك ، فتعجب الناس لذلك أشد العجب ، وأقروا له بالحفظ والفضل .

قال الأمام مسلم : ما العجب من رده الخطأ إلى صواب ، فإنه كان حافظاً بل العجب من حفظه للخطأ على ترتيب ما ألقوه عليه من مرة واحدة .

 

 

 

تاريخ بغداد للخطيب

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

أبوكبير الهذلي وتأبط شراً

جرير والفرزدق والأخطل والاعرابي

من حكم العرب