عماد الدين ينسى الصدقة
ركب يوماً عماد الدين زنكي (ت541هـ) فكاد أن يسقط من دابته ، فاستدعى أميراً كان معه ، فقال له كلام لم يفهمه ، ولم يتجاسر على أن يستفهمه منه ، فعاد الأمير إلى بيته وودع أهله عازماً على الهرب فقالت له زوجته : ما ذنبك وما حملك على الهرب ؟ فذكر لها حاله ، فقالت : إن القائد نصير الدين له بك عناية ، فاذكر له قصتك ، وافعل ما يأمرك به ، فقال الأمير : اخاف أن يمنعني من الهرب وأهلك ، فلم تزل به زوجته حتى ذهب إلى نصير الدين ، فلما علم حاله ضحك منه فقال له : خذ هذه صرة الدنانير وأحملها إليه ، فهي التي أراد ، فقال الأمير : الله الله في دمي ونفسي ، فقال نصير الدين : لا بأس عليك ، فإنه ما أراد غير هذه الصرة ، فحملها إليه فلما رأى عماد الدين الأمير قال له : أمعك شيء ؟ قال : نعم ، فأمره أن يتصدق بها ، فلما فرغ من الصدقة قصد الأمير نصير الدين وشكره ، وقال : من أين علمت أنه أراد الصرة ؟ فقال نصير الدين : إنه يتصدق بمثل هذا القدر كل يوم ، يرسل إلي يأخذ من ماله الخاص في الليل ليتصدق به ، وفي يومنا هذا لم يأخذ شيء ؟، فبلغني أنه عثرت به دابته حتى كاد أن يسقط ، فعلمت أنه أر اد إرسالك إلي من أجل الصرة فإنه تذكرها .
مفرج الكروب في أخبار بني أيوب 1
تعليقات
إرسال تعليق