فمن زاد فهو يزعم أن الشريعة ناقصة
يقول ابن القاضي شهبة : كان نور الدين محمود (ت569هـ) لما صارت له الموصل قد أمر كمشكتين "الوالي عليها" ألايعمل شيئاً إلا بالشرع إذا أمره القاضي ، وألا يعمل القاضي والنواب كلهم شيئاً إلا بعد موافقة ومراجعة الشيخ عمر الملا فيها وعندما حضر والي الموصل وبعض القادة والأمراء فيها إلى الشيخ عمر الملا لكي يكتب إلى نور الدين كتاباً يطلب منه أن يسمح بتشديد العقوبة على بعض المخالفات بسبب كثرة مرتكبيها وعدم ارتداعهم ، وكانت أوامر نور الدين أن تكون العقوبات مطابقة لما ورد بأحكام الشريعة بدون زيادة أو نقصان ولم يجرؤ الوالي على الكتابة لنور الدين بهذا الموضوع خشية التأنيب وأعتقد أن الشيخ عمر بما له من دالة على نور الدين ربما نجح بالمطلوب ، فكتب الشيخ عمر كتاباً إلى نور الدين يقول فيه :" إن الزعار وقطاع الطرق والمفسدين قد كثروا ويحتاج إلى نوع من السياسة ومثل هذا لا يجيء إلا بقتل وصلب وضرب ، وإذا أخذ مال إنسان في البرية من يجيء ليشهد له" ؟ فأجاب نور الدين على ظهر رسالة الشيخ بقوله : "إن الله تعالى خلق الخلق وهو أعلم بمصلحتهم ، وإن مصلحتهم تحصل فيما شرعه على وجه الكمال ، ولو علم أن على الشريعة زيادة في المصلحة لشرعه لنا ، فما لنا من حاجة على زيادة ما شرعه الله ، فمن زاد فقد زعم أن الشريعة ناقصة ، فهو يكملها بزيادته وهذا من الجرأة على الله وعلى شرعه ، والعقول المظلمة لا تهتدي ، فالله سبحانه يهدينا وإياك إلى الكتاب وإلى الصراط المستقيم " فلما وصل الجواب إلى الشيخ عمر جمع الناس وقرأ عليهم كتابه وجواب نور الدين عليه قائلاً : انظروا في كتاب الزاهد إلى الملك وكتاب الملك إلى الزاهد
عيون الروضتين في أخبار الدولتين النورية والصلاحية ج1
تعليقات
إرسال تعليق