كاتب و حائك

قال ابو القاسم عبد الرحمن بن محمد : بلغني أن الخليفة المهدي (ت169هـ) لما فرغ من بناء قصره عيسا باذ ، ركب في جماعة يسيرة لينظر ، فدخل مفاجأة فأخرج كل من كان هناك من الناس وبقي رجلان خفيا عن أبصار الأعوان فرأى المهدي أحدهما وهو دهش لا يعقل فقال : من أنت ؟ قال : أنا أنا أنا قال : ويحك من أنت ؟ قال : لا أدري ٌال المهدي : ألك حاجة قال : لا لا ، فقال المهدي : أخرجوه أخرج الله نفسه . فلما خرج قال المهدي لغلامه : اتبعه من حيث لا يعلم فسل عن أمره ومهنته فإني أخاله حائكاً . ثم رأى الآخر فاستنطقه فأجابه بقلب قوي ولسان جريء ، فقال المهدي : من أنت ؟ فقال الرجل : أنا رجل من أبناء رجال دعوتك ، فقال : ما جاء بك إلى هاهنا ؟ قال : جئت لأنظر هذا البناء الحسن ، وأتمتع بالنظر وأكثر من الدعاء لأمير المؤمنين بطول المدة وتمام النعمة ونماء العز والسلامة ، قال المهدي : ألك حاجة ؟ قال : نعم خطبت ابنة عم لي فردني أبوها وقال : لا مال لك والناس يرغبون في المال وأنا بها مشغوف ، قال المهدي : قد أمرت لك بخمسين ألف درهم ، فال : جعلني الله فداك يا أمير المؤمنين قد وصلت فأجزلت الصلة ومننت فأعظمت المنة فجعل الله باقي عمرك أكثر من ماضيه وآخر أيامك خيراً من أولها ومتعك بما أنعم به وأمتع رعيتك بك . فأمر أن يُعجل صلته ووجه بعض خاصته معه وقال له : سل عن مهنته فإني أخاله كاتباً .

فجاء الرسول الأول فقال : وجدته حائكاً وأخبر الرسول الآخر قال : وجدته كاتباً .

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

أبوكبير الهذلي وتأبط شراً

جرير والفرزدق والأخطل والاعرابي

من حكم العرب