لاتخافوا لاتخافوا
سقطت القنبلة بالقرب من أبي لكنه صاح : لاتخافوا... لاتخافوا..
وتقول عن هذه الحادثة التي لاشك لدي أنها محاولة لاغتيال السلطان...
(( ساد الصحن هرج ومرج في لحظة واحدة وامتلأ بالغبار والدخان وسقطت في وسطه أشياء وأحدثت أصوات طقطقة ، وكانت أبراج الساعة تتساقط كما كنت أرى ألواح الخشب تتساقط أسفل رأس كنعان باشا الذي يقف أمامي وفجأة تذكرت أبي وبدأت في البكاء قائلة: أبي أبي
وكان بجانبي خليل أفندي مع الأغوات وكانوا يقولون : انطقوا بالشهادة، سقط شئ من السماء وفي تلك اللحظة رأيت أبي واقفا على الدرجة الثالثة من السلم تقريبا وفتح ذراعيه وصاح مرتين
: لاتخافوا... لاتخافوا... وبدأ بالنزول بخطوات ثقيلة قائلا : ليقف كل شخص في مكانه، وبدأ الضباط والجنود - الذين كانوا في معيته وتفرقوا حين تلك الحالة – في المجيء إلى أماكنهم وركب أبي سيارته قائلا : لاتضطربوا لايصيب الضرر أحدا بسبب الزحام ، وركض برهان الدين أفندي ودخل إلي العربة وأخذ أبي اللجام بيديه وبدأ السير للأعالي مستخدما العربة بشدة لم يسبق أن استخدمها بها، وكان البارون فون جاليجه سفير النمسا والمجر قد أخرج رأسه من نافذة حجرة الضيوف بالقصر وأخذ يصيح قائلاً : يعيش السلطان.. يعيش السلطان...
وفي ذلك اليوم كان العديد من أهل فيينا قد أتوا لمشاهدة مراسم يوم الجمعة ، وكانوا يضربون كفا كفا
ويتصايحون قائلين : يعيش يعيش...وهكذا خرج أبي ودخل إلي القصر الهمايوني سالما إلا أن المنظر
الموجود أسفله كان مؤلما جدا فقد تهدمت القضبان الحديدية الموضوعة على الشبابيك أمامنا وكان العديد من رجال الشرطة العسكرية راقدين على الأرض وأحضر السايس خيول عربتنا بسرعة وانطلق بها وعند سيره لأعلى كنا نغمض عيوننا كلما رأينا الخيول والأفراد الساقطين على الأرض.))
ثم تضيف الأميرة أنه كان يقال : (( أن أكثر من ثمانين شخصا قد جرحوا أوقتلوا بسبب تلك القنبلة التي انفجرت يوم الجمعة وكان من بين المتوفين أيضا بهاء الدين بك مربي أخي الكبير..
وشكلت لجنه في الحال داخل القصر من أجل التحقيق وعرفوا الفاعل أن من قام بذلك ينتسبون إلى جماعة ( طاشناق ) الأرمنية وعلى رأسهم ادوارد جاروس وتأكدوا من سوء نيتهم وقد كتبت هذا الجرائد
في ذلك العهد، وبعدها نشر الخطاب السلطاني....))
مذكرات عائشة بنت السلطان عبد الحميد
تعليقات
إرسال تعليق