هذه والله البتارة
قال حسان بن ثابت(ت٥٤هـ) : قدمتُ على عمرو بن الحارث فدخلتُ عليه فوجدتُ عنده النابغَة وهو جالس عن يمينه ، وعلقمة بن عبدة وهو جالس عن يساره ، فقال عمرو : يابن الفريعة ، قد عرفت أصلك ونسبك في غسان فأرجع فإني باعث إليك بصلة ولا أحتاج لشعرك فإني أخاف عليك من هذين - السُبعين - وفضيحتك من فضيحتي ، وأنت والله لاتحسن أن تقول :
رِقاق النعال طيِّب حُجُزاتهم
يحيّون بالريحان السباسِبِ
فأبيت وقلت : لا بد منه ، فقال : ذاك لك
فأنشأت وقلت :
لله در عصابة نادمتُهُم
يوماً بجلِّق في الزمان الأولِ
أولاد جفنة عند قبر أبيهم
قبرِ ابن مارية الكريم المُفضلِ
يُغشون حتى ماتهرُ كلابهم
لا يَسأَلون عن السواد المقبِلِ
بيض الوجوه كريمة أحسابهم
شمُّ الأنوف من الطراز الأولِ
فلبثتُ أزماناً طوالاً فيهمُ
ثم أدركتُ كأنني لم أفعَلِ
قال : فلم يزل عمرو بن الحارث يَزحل عن موضعه سروراً ، وهو يقول : هذا وأبيك الشعر ؛ لا مايُعَلِّلاني به منذ اليوم ، هذه والله البتارة التي قد بترت المدائح
كتاب الأغاني للأصفهاني المجلد ١٤
تعليقات
إرسال تعليق