إن صدقناك اغضبنا الله

شَكَا الحجاج بن يوسف (ت95هـ) يوماً سوء طاعة أهل العراق وسَقَم مذهبهم ، فقال له جامع المحاربي ( وكان شيخاً صالحاً لسناً) : أما إنهم لو أحبوك لأطاعوك ، على إنهم ما أبغضوك لنسبك ، ولا لِذاتِ نفسك ، ولكنهم نَقَموا أفعالك ؛ فدع مايبعدهم عنك إلى مايدنيهم منك ، وليكن إيقاعُك بعد وعيدك ، ووعيدُك بعد وعدك .
فقال له الحجاج : والله ما أرى أن أردّ بني اللكيعة إلى طاعتي إلا بالسيف !
فقال جامع : أيها الأمير إن السيف إذا لاقى السيف ذهب الخيار ! 
فقال الحجاج : الخيار يومئذ لله ! قال جامع : أجل ، ولكن لاتدري لمن يجعله الله !؟
فغضب الحجاج وقال : ياهناه ، إنك من محارب !
فقال جامع : 
وللحرب سُمِّينا وكان محارباً
           إذا ما القنا أمسى من الطَّعن أحمرا
فقال له الحجاج : والله لقد هممتُ أن أخلعَ لسانك ، وأضرب به وجهك . 
فقال جامع : (( إن صَدَقناك  أغضبناك ، وإن كَذَبناك أغضبنا الله ، وغضب الأمير أهونُ علينا من غضب الله ))
فقال الحجاج : أجل ! وسكن ، فخرج جامع من عنده

العقد الفريد المجلد ٢ لابن عبد ربه (

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

أبوكبير الهذلي وتأبط شراً

جرير والفرزدق والأخطل والاعرابي

من حكم العرب