فضّل المعلم

كان المأمون(ت218هـ)  قد وكل الفراء يلقن ابنيه النحو ، فلما كان يوما أراد الفراء أن ينهض إلى بعض حوائجه ، فابتدرا ابني المأمون إلى نعل الفراء يقدمانها له فتنازعا أيهما يقدمه ، ثم اصطلحا أن يقدم كل واحد منها فردا ، فقدماها وكان المأمون له على كل شيء صاحب ، فرفع ذلك إليه في الخبر ، فوجه إلى الفراء فاستدعاه ، فلما دخل عليه قال له : من أعز الناس ؟ قال الفراء : ما اعرف أعز من أمير المؤمنين ، قال : بلى ، من إذا نهض تقاتل على تقديم نعليه وليا عهد المسلمين ، حتى رضي كل واحد ان يقدم له فردا ، فقال يا أمير المؤمنين : لقد أردت منعهما عن ذلك ، ولكن خشيت ان ادفعهما عن مكرمة سبقا إليها ، أو اكسر نفوسهما عن شريفة حرصا عليها ، وقد يروى عن بن عباس انه امسك للحسن والحسين ركابيهما حين خرجا من عنده ، فقال له  بعض من حضر : اتمسك لهذين الحديثين ركابيهما وأنت أسن منهما ؟ فقال له : اسكت يا جاهل لا يعرف الفضل لأهل الفضل إلا ذوو الفضل . فقال له المأمون : لو منعتهما عن ذلك لأوجعتك لوماً وعتباً وألزمتك ذنباً  ، وما وضع ما فعلاه من شرفهما بل رفع من قدرهما وبين عن جوهرهما .

 

 

تاريخ بغداد

تعليقات

إرسال تعليق

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

أبوكبير الهذلي وتأبط شراً

جرير والفرزدق والأخطل والاعرابي

من حكم العرب