لقد رجوتك دون الناس كلهمُ

قال أبو العيناء : حصلت لي ضيقة شديدة فكتمتها عن أصدقائي ، فدخلت يوماً على يحيى بن أكثم القاضي فقال : إن أمير المؤمنين المأمون (ت218هـ) جلس للمظالم ، وأخذ القصص ، فهل لك في الحضور ؟ قلت : نعم ، فمضيت معه إلى دار أمير المؤمنين ، فلما دخلنا عليه أجلسه ، وأجلسني ، ثم قال : يا أبا العيناء بالإلفة والمحبة ، ما الذي جاء بك في هذه الساعة فأنشدته :
لقد رجوتك دون الناس كلهم 
                         وللرجاء حقوقٌ تجبُ
إن لم يكن لي أسبابٌ اعيش بها
         ففي العلا لك أخلاقٌ هي السببُ
فقال المأمون : ياسلامة ، انظر أي شيء في بيت مالنا دون مال المسلمين . فقال سلامة : بقية من مال . قال المأمون : فأدفع له منها مئة ألف درهم ، وابعث له بمثلها في كل شهر . فلما كان بعد أحد عشر شهراً مات المأمون ، فبكى عليه ابوالعيناء حتى تقرَّحت أجفانه فدخل عليه بعض أولاده فقال : يا أبتاه بعد ذهاب العين ماذا ينفع البكاء فأنشاء أبو العيناء يقول :
شيئان لو بكت الدماءُ عليهما
              عيناي حتى يؤذنا بذهابِ
لم يبلغ المعشار من حقيهما
            فقدُ الشباب وفرقةَ الأحبابِ

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

أبوكبير الهذلي وتأبط شراً

جرير والفرزدق والأخطل والاعرابي

من حكم العرب