المشاركات

عرض المشاركات من أغسطس, 2014

من أعقل الأمم ؟!

قال شبيب بن شبة : إنا لوقوف ٌ في عرصة المربد - وهو موقف الأشراف ومجتمع الناس وقد حضر أعيان المصر - إذ طلع ابن المقفع ، فما فينا أحد إلا هش له، وارتاح إلى مساءلته، وسررنا بطلعته؛ فقال: ما يقفكم على متون دوابكم في هذا الموضع ؟ فواالله لو بعث الخليفة إلى أهل الأرض يبتغي مثلكم ما أصاب أحدا ً سواكم، فهل لكم في دار ابن برثن في ظلٍ ممدود، وواقية من الشمس، واستقبال من الشمال، وترويح ٍ للدواب والغلمان، ونتمهد الأرض فإنها خير بساط وأوطؤه، ويسمع بعضنا من بعض فهو أمد للمجلس، وأدر للحديث. فسارعنا إلى ذلك، ونزلنا عن دوابنا في دار ابن برثن نتنسم الشمال، إذ أقبل علينا ابن المقفع، فقال: أي الأمم أعقل ؟ فظننا أنه يريد الفرس، فقلنا: فارس أعقل الأمم، نقصد مقاربته، ونتوخى مصانعته. فقال: كلا، ليس ذلك لها ولا فيها، هم قوم علموا فتعلموا، ومثل لهم فامتثلوا واقتدوا وبدئوا بأمر فصاروا إلى اتباعه، ليس لهم استنباط ولا استخراج. فقلنا له: الروم. فقال: ليس ذلك عندها، بل لهم أبدان وثيقة وهم أصحاب بناء وهندسة، لا يعرفون سواهما، ولا يحسنون غيرهما. قلنا: فالصين. قال: أصحاب أثاث وصنعة ، لا فكر لها ولا روية . قلنا: فالترك ...

شجاعة وكرم

أخبرني ابن دريد، قال: أخبرني عمي، عن أبيه، عن ابن الكلبي، عن أبيه، قال: أخبرني شيخ من بني نبهان، قال: أصابت بني شيبان سنة ذهبت بالأموال، فخرج رجل منهم بعياله، حتى أنزلهم الحيرة، فقال لهم: كونوا قريباً من الملك يصبكن من خيره حتى أرجع إليكن، وآلى ألية لا يرجع حتى يكسبهن خيراً أو يموت. فتزود زاداً، ثم مشى يوماً إلى الليل، فإذا هو بمهر مقيد يدور حول خباء. فقال: هذا أول الغنيمة، فذهب يحله ويركبه، فنودي: خل عنه واغنم نفسك، فتركه، ومضى سبعة أيام حتى انتهى إلى عطن إبل مع تطويل الشمس، فإذا خباء عظيم وقبة من أدم، فقال في نفسه: ما لهذا الخباء بد من أهل، وما لهذه القبة بد من رب، وما لهذا العطن بد من إبل، فنظر في الخباء، فإذا شيخ كبير قد اختلفت ترقوتاه، كأنه نسر. قال: فجلست خلفه، فلما وجبت الشمس إذا فارس قد أقبل لم أر فارساً قط أعظم منه ولا أجسم، على فرس مشرف ومعه أسودان يمشيان جنبيه، وإذا مائة من الإبل مع فحلها، فبرك الفحل، وبركت حوله، ونزل الفارس، فقال لأحد عبديه: احلب فلانة، ثم اسق الشيخ، فحلب في عس حتى ملأه، ووضعه بين يدي الشيخ وتنحى، فكرع منه الشيخ مرة أو مرتين، ثم نزع، فثرت إليه فشربته، فرجع ...

محمد حميد الطوسي

   بعد الفتح الإسلامي لفارس قامت ثورات شعوبية من أهل فارس ، وكانت تريد الرجوع   وتنادي بإعتناق المذاهب القديمة لفارس ، وكانت الحركة الراوندية والخرمية الرافضية من بين الدعاة إلى ذلك    ، فحدث أن قام بابك الخرمي بتلقي تعليمه على يد رجل اسمه جاويذان بن سهل ، وكان هذا الرجل من دعاة وزعماء الخرمية ، فلما مات قامت زوجة ذلك الرجل بتنصيب بابك على الحركة رئيسا ، وتزوجته لما اكتشفت من خلال معرفتها به أنه يميل إلى السلطة والزعامة وتميزه بالخبث الشديد ، وحسن التأثير على الناس البسطاء ،   وقام ذلك الخبيث بتجميع قواته وعوام الناس وذهب الى الجبال ، لكى يكمل استعداداته لكى ينقلب على الخلافه فى اذربيجان اثار بابك ثورته في عام 201هـ مستغلا الصراع بين الأمين والمأمون ، وقام بتأليب الأمارات البيزنطية فى الشمال على الهجوم على ثغور المسلمين ، ونجح فى الإستيلاء على اذربيجان اثناء تواجد الخليفه المأمون فى مرو ، حاول المأمون أن يجمح محاولات الخرمية ولكن انشغاله بعد استتاب الملك له إلى محاربة البيزنطيين ووعورة الجبال التى تحصن فيها الخرمية من الوصول إليهم واخذوا فى التوسع فى مملكته...

وقفات لسيد قطب

قال تعالى: ﴿  إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لَآيَاتٍ لِأُولِي الْأَلْبَابِ  ﴾، قال المفكر سيد قطب: "لا بد لأي روح يراد لها أن تؤثِّر في واقع الحياة البشرية فتحولها وجهة أخرى، لا بد لهذه الروح من خلوة وعزلة بعض الوقت ؛ فالاستغراق في واقع هذه الحياة يجعل النفس تألفه، وتستنيم له، فلا تحاول تغييره ، أما الانخلاع منه فترة، والانعزال عنه، والحياة في طلاقة كاملة من أَسْرِ الواقع الصغير ، ومن الشواغل التافهة ، فهو الذي يؤهل الروح الكبير لرؤية ما هو أكبر منه ، ويدربه على الشعور بتكامل ذاته بدون حاجة إلى عرف الناس"     في ظلال القرآن

النابلسي والفاطميين

الإمام أبو بكر  النابلسي (ت 363 هـ) كان من أهل السنة والجماعة ، وكان يرى قتال الفاطميين (الرافضة) وقال النابلسي : لو كان في يدي عشرة أسهم كنت أرمي واحداً إلى الروم وإلى هذا الطاغي تسعة ، وبعد أن استطاع حاكم دمشق أبو محمود الكتامي أن يتغلب على القرامطة أعداء الفاطميين ، قام بالقبض على الإمام النابلسي وأسره ، وحبسه في رمضان ، وجعله في قفص خشب . ولما وصل قائد جيوش  إلى مصر ، احضروه للمعز لدين الله  فمثل بين يديه ، سأله معز الدين فقال : بلغنا أنك قلت : إذا كان مع الرجل عشرة أسهم وجب أن يرمي في الروم سهماً وفيناً تسعة !  فقال الإمام النابلسي : ما قلت هكذا!!  ففرح القائد الفاطمي ، وظن أن الإمام سيرجع عن قوله . ثم سأله بعد برهة : فكيف قلت؟  قال الإمام النابلسي بقوة وحزم ، قلت : إذا كان معه عشرة وجب أن يرميكم بتسعة ، ويرمي العاشر فيكم أيضاً! فسأله المعز بدهشة : ولم ذلك ؟ فرد الإمام النابلسي بنفس القوة : لأنكم غيرتم دين الأمة ، وقتلتم الصالحين ، وأطفأتم نور الإلهية ، وادعيتم ما ليس لكم . فأمر بإشهاره في أول يوم ، ثم ضُرب في اليوم الثاني بالسياط ضربا ش...

الخليل بن أحمد الفراهيدي

أرسل سليمان بن حبيب بن أبي صفرة والي فارس والأحواز رسولا يدعو إليه الخليل بن أحمد الفراهيدي(ت,174هـ) ، حيث كان سليمان يدفع له راتباً بسيطاً يعينه به على شؤون الحياة، فرفض القدوم إليه وقدم للرسول خبزاً يابساً مما عنده قائلاً مادمت أجده فلا حاجة بي إلى سليمان وقال: أَبلِغ سُلَيمانَ أَنّي عَنهُ في سَعَةٍ             وَفي غِنىً غَيرَ أَنّي لَستُ ذا مالِ سَخّى بِنَفسي أَنّي لا أَرى أَحَداً                يَموتُ هَزلاً وَلا يَبقى عَلى حالِ وَإِنَّ بَينَ الغِنى وَالفَقرِ مَنزِلَةً                 مخطومة بِجَديدٍ لَيسَ بِالبالي الرِزقُ عَن قَدَرٍ لا الضَعفُ يَنقُصُهُ                   وَلا يَزيدُكَ فيهِ حَولُ مُحتالِ إِن كانَ ضَنُّ سُلَيمانَ بِنائِلِهِ                    فَاللَهِ أَفضَلُ مَسؤولٍ لِسُؤالِ وَالفَقرُ في النَفسِ لا في المالِ نَعرِفُهُ          وَمِثلُ ذاكَ...

ويروعني نظرُ الغزال إذا دنا

ليت الذي بالعشق دونك خصّني                 ياظالمي قسم المحبة بيننا ألقى الهزبر فلا أخاف وثوبه             ويروعني نظرُ الغزال إذا دنا

رزقي سوف يأتيني

عن يحيى بن عروة بن أُذَيْنَةَ ، قال: أضاقَ أبي إضاقةٌ شديدة ، وتعذَّرت عليه الأمور ، فعمل شعرًا امتدح به هشام بن عبد الملك(ت 127 هـ)  ، ودخَل عليه في جملة الشعراء ، فلمَّا دخلوا عليه نسبهم ، فعرفهم جميعًا وقال لعروة : أنشدني قولك : لقد علمت... فأنشده : لَقَدْ   عَلِمْتُ وَمَا الإِشْرَافُ مِنْ خُلُقِي                   أَنَّ الَّذِي هُوَ   رِزْقِي سَوْفَ يَأْتِينِي أَسْعَى   لَهُ فَيُعَنِّينِي تَطَلُّبُهُ                         وَلَوْ جَلَسْتُ أَتَانِي   لاَ يُعَنِّينِي وَأَيُّ   حَظِّ امْرِئٍ لاَ بُدَّ يَبْلُغُهُ                          يَوْمًا وَلاَ بُدَّ أَن   يَحْتَازَهُ دُونِي لاَ   خَيْرَ فِي طَمَعٍ يَهْدِي إِلَى طَبَعٍ                 ...

الحكم بن هشام والمرأة

من بديع أخبار الحكم بن هشام (ت206هـ) أن عباس بن ناصح الشاعر توجه إلى الثغر ، فلما نزل بمدينة الفرج المعروفة بوادي الحجارة سمع امرأة تصرخ قائلة " واغوثاه بك يا حكم ، لقد أهملتنا حتى كلب العدو علينا ، فأيم منا وأيتم فينا " فسألها عن شأنها فقالت : كنت مقبلة من إحدى البوادي في رفقة ، فخرجت علينا خيل العدو ، فقتلت وأسرت . فنظم عباس قصيدة التي أولها : تململت في وادي الحجارة مسهرا                    أراعي نجوما ما يردن تغورا إليك أبا العاصي نضيت مطيتي                         تسير بهم ساريا ومهجرا تدارك نساء العالمين بنصرة                   فإنك أحرى أن تغيث وتنصرا وأغش عداة أسرتهن جحفلا           يحول الرجا فيما مضى وهو أسحرا فلما قفل العباس إلى قرطبة ، ودخل ع...

عوى الذئب فستأنست بالذئب إذا عوى

الأحيمر السعدي شاعر من مخضرمي الدولتين الأموية والعباسية، كان لصا فاتكا ماردا، من أهل بادية الشام. أتى العراق، وقطع الطريق، فطلبه أمير البصرة (سليمان بن علي ابن عبد الله بن عباس) ففر فأهدر دمه ، وتبرأ منه قومه . وطال زمن مطاردته ، فحن إلى وطنه فنظم قصيدة حنين إلى الشام مطلعها : لئن طال ليلي بالعراق لربما                 أتى لي ليل بالشآم قصير وتاب بعد ذلك عن اللصوصية ، ومن قصائدة الماتعة يبرر لما هو فيه يقول : عَوى الذِئبُ فَاِستَأنَستُ بِالذِئبِ إِذا عَوى                           وَصَوَّتَ إِنسانٌ فَكِدتُ أَطيرُ يَرى اللَهُ إِنّي لِلأَنيسِ لَكارِهٌ                           وَتُبغِضُهُم لي مُقلَةٌ وَضَميرُ فَلِلَّيلِ إِن واراني اللَيلُ حكمُهُ                        وَلِلشَمسِ إِن غابَت عَلَيَّ نُذورُ وَإِنّي لَأستَحيي مِنَ اللَهِ أَن أُرى      ...

رضي الله عن ملك يفكر كذا!!

حكى الأمير بها الدين علي بن الشكري وكان خصيصاً بخدمة نور الدين محمود زنكي (ت569هـ) قد صحبه من الصبا ، وأنس به وله معه انبساط ، قال : كنت معه في الميدان بالرها والشمس في ظهورنا ، فكلما سرنا تقدمنا الظل ، فلما عدنا صار ظلنا وراء ظهورنا ، فأجرى فرسه وهو يلتفت وراءه وقال لي : أتدري لأي شيء أجري فرسي وألتفت ورائي قلت : لا ، فقال نور الدين : قد شبهت ما نحن فيه بالدنيا ، تهرب ممن يطلبها وتطلب من يهرب منها . قلت : رضي الله عن ملك يفكر في مثل هذا .         عيون الروضتين في أخبار الدولتين ج1 عبد الرحمن بن اسماعيل

معرفة الله من طريقين

قال ابن القيم : "الرب تعالى يدعو عباده في القرآن إلى معرفته من طريقين: أحدهما النظر في مفعولاته، والثاني: التفكر في آياته وتدبرها، فتلك آياته المشهودة، وهذه آياته المسموعة المعقولة، فالنوع الأول كقوله: ﴿ إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَالْفُلْكِ الَّتِي تَجْرِي فِي الْبَحْرِ بِمَا يَنْفَعُ النَّاسَ ﴾ إلى آخرها، وقوله: ﴿ إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لَآيَاتٍ لِأُولِي الْأَلْبَابِ ﴾ وهو كثير في القرآن، والثاني كقوله: ﴿ أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ ﴾ وقوله: ﴿ أَفَلَمْ يَدَّبَّرُوا الْقَوْلَ ﴾ وقوله: ﴿ كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ ﴾  وهو كثير أيضًا   الفوائد ج1

فضّل المعلم

كان المأمون(ت218هـ)  قد وكل الفراء يلقن ابنيه النحو ، فلما كان يوما أراد الفراء أن ينهض إلى بعض حوائجه ، فابتدرا ابني المأمون إلى نعل الفراء يقدمانها له فتنازعا أيهما يقدمه ، ثم اصطلحا أن يقدم كل واحد منها فردا ، فقدماها وكان المأمون له على كل شيء صاحب ، فرفع ذلك إليه في الخبر ، فوجه إلى الفراء فاستدعاه ، فلما دخل عليه قال له : من أعز الناس ؟ قال الفراء : ما اعرف أعز من أمير المؤمنين ، قال : بلى ، من إذا نهض تقاتل على تقديم نعليه وليا عهد المسلمين ، حتى رضي كل واحد ان يقدم له فردا ، فقال يا أمير المؤمنين : لقد أردت منعهما عن ذلك ، ولكن خشيت ان ادفعهما عن مكرمة سبقا إليها ، أو اكسر نفوسهما عن شريفة حرصا عليها ، وقد يروى عن بن عباس انه امسك للحسن والحسين ركابيهما حين خرجا من عنده ، فقال له  بعض من حضر : اتمسك لهذين الحديثين ركابيهما وأنت أسن منهما ؟ فقال له : اسكت يا جاهل لا يعرف الفضل لأهل الفضل إلا ذوو الفضل . فقال له المأمون : لو منعتهما عن ذلك لأوجعتك لوماً وعتباً وألزمتك ذنباً  ، وما وضع ما فعلاه من شرفهما بل رفع من قدرهما وبين عن جوه...

قطع يد السلطان محمد الفاتح

أمر السلطان محمد الفاتح (ت886هـ) ببناء أحد الجوامع في مدينة اسطنبول ، وكلف أحد المعمارين الروم واسمه (إبسلانتي) بالإشراف على بناء هذا الجامع ، إذ كان هذا الرومي معمارياً بارعاً ، وكان من بين أوامر السلطان : أن تكون أعمدة هذا الجامع من المرمر ، وأن تكون هذه الأعمدة مرتفعة ليبدو الجامع فخماً ، وحدد هذا الارتفاع لهذا المعماري . ولكن هذا المعماري الرومي - لسبب من الأسباب - أمر بقص هذه الأعمدة ، وتقصير طولها دون أن يخبر السلطان ، أو يستشيره في ذلك ، وعندما سمع السلطان محمد الفاتح بذلك ، استشاط غضباً ، إذ أن هذه الأعمدة التي جلبت من مكان بعيد ، لم تعد ذات فائدة في نظره ، وفي ثورة غضبه هذا ، أمر بقطع يد هذا المعماري ، ومع أنه ندم على ذلك إلا أنه كان ندماً بعد فوات الأوان ، ولم يسكت المعماري عن الظلم الذي لحقه ، بل راجع قاضي اسطنبول الشيخ ( صاري خضر جلبي) الذي كان صيت عدالته قد ذاع وانتشر في جميع أنحاء الإمبراطورية ، واشتكى إليه ما لحقه من ظلم من قبل السلطان محمد الفاتح ولم يتردد القاضي في قبول هذه الشكوى ، بل أرسل من فوره رسولاً إلى السلطان يستدعيه للمثول أمامه في المحكمة ، لوجود شكوى ضده من ...

نداءات سورة الحجرات

سورة الحجرات اشتملت على خمس نداءات إيمانية  (يَا  أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا) وهذه النداءات الإيمانية : · تبين الأدب مع الله كما في أولها (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ ﴿١﴾) · ثم الأدب مع رسول الله صلى الله عليه وسلم (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا تَرْفَعُوا أَصْوَاتَكُمْ فَوْقَ صَوْتِ النَّبِيِّ وَلَا تَجْهَرُوا لَهُ بِالْقَوْلِ كَجَهْرِ بَعْضِكُمْ لِبَعْضٍ أَنْ تَحْبَطَ أَعْمَالُكُمْ وَأَنْتُمْ لَا تَشْعُرُونَ ﴿٢﴾) ·  ثم تبين الأدب في العلاقات بين المسلمين والمؤمنين في حال الودّ ، وحال النزاع ، وفي كل حال من الأحوال .     محمد داوود

إن كانت تظن أنها لي فبئس الظن

رضيع خاتون زوجة نور الدين محمود زنكي (ت569هـ) أنها قلت عليها النفقة ولم يكفها ماكان قد قرره لها ، فأرسلت تطلب منه زيادة في وظيفتها (أي مخصصاتها المالية ) فلما قيل له ذلك تنكر واحمر وجهه ثم قال : من أين أعطيها ، أما يكفيها مالها ؟ والله لا أخوض نار جهنم في هواها ، إن كانت تظن أن الذي بيدي من الأموال هي لي فبئس الظن ، إنما هي أموال المسلمين ومرصدة لمصالحهم ومعدة لفتق "إن كان " من عدو الإسلام وأنا خازنهم عليها فلا أخونهم فيها .       تاريخ الباهر لأبن الأثير

"أنا رجل ملة لا رجل دولة"

ففي شهر رجب من سنة 702هـ قويت الأخبار بعزم التتار على دخول بلاد الشام، فانزعج الناس لذلك، واشتد خوفهم جداً كما يقول الحافظ ابن كثير، وقنت الخطيب في الصلوات، وشرع الناس في الهرب إلى الديار المصرية والكرك والحصون المنيعة، وتأخر مجيء العساكر المصرية فاشتد لذلك الخوف . ووصل التتار إلى حمص وبعلبك وعاثوا في تلك البلاد فساداً، وقلِق الناس قلقاً عظيماً لتأخر قدوم السلطان ببقية الجيش، وخافوا خوفاً شديداً، وبدأت الأراجيف تنتشر وشرع المثبطون يوهنون من عزائم المقاتلين ويقولون : لا طاقة للمسلمين بلقاء التتار، لقلة المسلمين وكثرة التتار، وزينوا للناس التراجع والتأخر . ولكن تأثير العلماء ولا سيما شيخ الإسلام / ابن تيمية رحمه الله كان يتصدى لهؤلاء المرجفين المثبطين، حتى استطاعوا أن يقنعوا الأمراء بالتصدي للتتار مهما كان الحال . واجتمع الأمراء وتعاهدوا وتحالفوا على لقاء العدو، وشجعوا أنفسهم ورعاياهم ونودي بالبلد دمشق أن لا يرحل منه أحد، فسكن الناس وهدأت نفوسهم وجلس القضاة بالجامع يشجعون الناس على القتال، وتوقدت الحماسة، وارتفعت الروح المعنوية عند العامة والجند، وكان لشيخ الإسلام / ابن تيمية رحمه الله أ...

أقاتلتي هِندُ وقتلي مُحرّمٌ

المؤمل بن أميل بن أسيد المحاربي. شاعر من أهل الكوفة. أدرك العصر الأموي. واشتهر في العصر العباسي، وكان فيه من رجال الجيش. وانقطع إلى المهدي قبل خلافته وبعدها. وهو صاحب الأبيات التي أولها:  إذا مرضنا أتيناكم نعودكم                           وتذنبون فنأتيكم فنعتذر  ومن قصائدة التي سارت بها الركبان قوله : أقاتِلتي هِندٌ وقتلي مُحَرَّمُ                أما فيكُم يا أَيُّها النَّاسُ مُسلِمُ يُظلِّمُها فِيما تُريدُ بعَاشِق                   أَلا حَبَّذا ذاكَ الظَّلُومُ المُظَلَّمُ أتاني الكَرَى ليلاً بِشَخصٍ أُحبّهُ                أَضَاءَت له الآفَاقُ واللّيلُ مُظلِمُ فكلَّمني باللّيلِ غير مُغاضبٍ                   وعَهدي به غَضبَان لا يَتَكلَّمُ حَلِمتُ بكم في نَومَتي فَغضِبتُم          وَلا ذَنبَ لي إن كُنتُ في اللّيل أحلمُ سأط...

تذكرتُ ليلى والسنين الخواليا

قيس بن ملوح ( مجنون ليلى )(ت24هـ) كان من شعراء الغزل المجيدين لهُ قصائد ماتعة يأسرك وانت تقرأ له وهذه واحدة منها يقول : تَذَكَّرتُ لَيلى وَالسِنينَ الخَوالِيا              وَأَيّامَ لا نَخشى عَلى اللَهوِ ناهِيا وَيَومٍ كَظِلِّ الرُمحِ قَصَّرتُ ظِلَّهُ                   بِلَيلى فَلَهّاني وَما كُنتُ لاهِيا بِثَمدينَ لاحَت نارُ لَيلى وَصُحبَتي          بِذاتِ الغَضى تُزجي المَطِيَّ النَواجِيا فَقالَ بَصيرُ القَومِ أَلمَحتُ كَوكَباً                 بَدا في سَوادِ اللَيلِ فَرداً يَمانِيا فَقُلتُ لَهُ بَل نارُ لَيلى تَوَقَّدَت               بِعَليا تَسامى ضَوءُها فَبَدا لِيا فَلَيتَ رِكابَ القَومِ لَم تَقطَعِ الغَضى            وَلَيتَ الغَضى ماشى الرِكابَ لَيالِيا فَيا لَيلَ كَم مِن حاجَةٍ لي مُهِمَّةٍ                إِذا جِئتُكُم ب...

خُلقت مبرأ من كل عيب

قال أبو عبيدة: فضل حسان بن ثابت (ت35هـ) الشعراء بثلاثة: كان شاعر الأنصار في الجاهلية وشاعر النبي في النبوة وشاعر اليمانيين في الإسلام. وقال المبرد في الكامل: أعرق قوم في الشعراء آل حسان فإنهم يعدون ستةً في نسق كلهم شاعر وهم: سعيد بن عبدالرحمن بن حسان بن ثابت بن المنذر بن حرام.  وقد قال حسان يهجو المشركين ويمدح رسول الله صلى الله عليه وسلم ويصف حال فتح مكه قبل وقوعه ، فلما كان الفتح رأى النبي صلى الله عليه وسلم ماقاله حسان ، فتبسم بأبي هو وأمي وألتفت إلى أبي بكر وقال ذكرني بماذا يقول حسان يقصد بيته حين يقول : عدمنا خيلنا إن لم تروها                تثير النقع موعدها كداءُ يقول في قصيدته جزاه الله عن الاسلام كل خير :  عفت ذات الأصابع فالجواء                         إلى عذراء منزلها خلاء  ديار من بني الحسحاس قفر                       تعفيها الروامس والمساء  وكانت لايزال بها أنيس           ...

إذا المرء لم يدنس من اللؤم عرضه

السموأل بن عاديا ويروى لعبد الملك بن عبد الرحيم الحارثي، من شعراء الدولة العباسية إِذا المَرْءُ لَمْ يَدْنَسْ مِن اللُّؤْمِ عِرْضَهُ                             فكُلُّ رِداءٍ يَرْتَدِيهِ جَمِيلُ وإِنْ هُو لَمْ يَحْمِلْ على النَّفْسِ ضَيْمَها                     فَلَيْسَ إلى حُسْنِ الثَّناءِ سبيلُ وقائِلَةٍ: ما بالُ أُسْرَةِ عادِيا                          تَبارَى، وفِيهمْ قِلَّةٌ وخُمُولُ تُعَيِّرُنا أَنَّا قَلِيلٌ عَدِيدُنا                           فقلتُ لها: إِنَّ الكِرَامَ قَلِيلُ وما ضَرَّنا أَنَّا قَلِيلٌ وجَارُنا                         عَزِيزٌ، وجارُ الأَكْثَرِينَ ذَلِيلُ وما قَلَّ مَنْ كانَتْ بَقاياهُ مثْلَنا                 ...

خليلي عوجا اليوم حتى تسلما

قال سهلُ بن سعد الساعدي (أو ابنه عبّاس): لقيني رجلٌ من أصحابي، فقال: هل لكَ في جميل بثينة(ت82هـ) فإنه ثقيل؟ فدخلنا عليه وهو يكيدُ بنفسه وما يخيّل إليّ أن الموتَ يكرثُه (يشتدُّ عليه) فقال: ما تقولُ في رجلٍ لم يزنِ قطُّ، ولم يشرب خمرًا قطُّ، ولم يقتُل نفسًا حرامًا قطُّ، يشهدُ أن لا إله إلا الله؟ فقلتُ: أظنُّه والله قد نجا، فمن هذا الرجل؟ قال: أنا. قلتُ: واللهِ ما سلمتَ (يُريد من الزنا) وأنت منذ عشرين سنة تنسب ببثينة، فقال : إنّي لفي آخرِ يومٍ من أيّام الدُّنيا ، وأوّل يوم من أيام الآخرة ، فلا نالتني شفاعةُ محمد صلى الله عليه وسلم إن كنتُ وضعت يدي عليها لريبة قطُّ . قال : فأقمنا حتى مات. وهكذا مات جميل ومات معه حبه ولكن يظل شعره ينبض بالحياة ويروي لنا قصة عاشق ومن أجمل قصائده يقول : خَليلَيَّ عوجا اليَومَ حَتّى تُسَلّما               عَلى عَذبَةِ الأَنيابِ طَيِّبَةِ النَشرِ فَإِنَّكُما إِن عُجتُما لِيَ ساعَةً              شَكَرتُكُما حَتّى أُغَيَّبَ في قَبري أَلِمّا بِها ثُمَّ اِشفِعا لي وَسَلِّما       ...