المشاركات

عرض المشاركات من أبريل, 2014

بشر بن عوانة العبدي

 كَان بشر بن عوانةُ العبدي صعْلُوكاً ، من صعاليك العرب ، وكان من شجعان الأبطال ، فأَغار على ركبٍ فِيهم امرأَة جميلَة ، فتزوج بها ، وقال : ما رأَيت كاليوم ،  فَقالَت : أَعجب بِشراً حَوَرٌ في عَيْنِي               وَسَاعِدٌ أَبْيَضُ كالُّـلـجَـيْنِ وَدُونَهُ مَسْرحَ طَرْفِ العَـيْنِ             خَمْصَانَةٌ تَرْفُلُ فَي حِجْلَـينِ أَحْسَنُ مَنْ يَمْشِي عَلى رِجْليَنِ             لَوْ ضَمَّ بِشْرٌ بَيْنَهَا وَبَـيْنـي أَدَامَ هَجْرِي وَأَطَالَ بَـيْنِـي               وَلَوْ يَقِيسُ زَيْنَهَـا بِـزَيْنِـي      لأَسْفَرَ الصُّبْحُ لِذِي عَيْنَيْنِ قال بِشْر : ويحك من عَنيتِ ؟  فقالَت : بنت عمك فاطمة ، فقال : أَهي من الحُسنِ بحَيثُ وصفْتِ ؟ قالَت : وأَزيد وأَكثر ، فأَنشأ يَقُول : وَيْحَكِ يَا ذَاتَ الثَّـنَـايَا الـبِـيضِ            ...

سكة الحجاز

أنَّ أعظم مشروعات عبد الحميد الثاني (ت1336هـ) الحضارية هو سِكَّة حديد الحِجاز؛ لتيسيرِ الحَجِّ على المسلمين، بحيث يستعاض بهذا المشروع عن طريقِ القوافل الذي كان يستغرق السفرُ به أربعين يومًا، وانخفضتِ المدة بالخطِّ الحديدي إلى أربعةِ أيام.  وقد خَلَق هذا المشروعُ العملاق - الذي وصلت تكلفتُه 3 ملايين جنيه ، وقد استغرَق إنجازُه سبعَ سنين من 1320 - 1327 هـ - حماسةً دِينيةً بالِغة بعدَما نَشَر عبدالحميد الثاني بيانًا على المسلمين يدعوهم فيه للتبرُّع، وافتتح القائمة بمبلَغ كبير؛ فتهافتِ المسلمون من الهند والصين وبقية العالَم على التبرُّع، باعتبارِ أنَّ هذا المشروع هو مشروعُ المسلمين أجمعين، وتبرَّع السلطان بمبلغ (320) ألف لِيرة من ماله الخاص. وتبرَّع شاه إيران بخَمْسين ألفًا، وأرسل خديوي مصر عبَّاس حِلمي الثاني كميات كبيرة مِن موادِّ البناء، وتألَّفت في سائرِ الأقطار الإسلامية لجانٌ لجمْع التبرعات.   وأصدرتِ الدولة العثمانية طوابعَ (تمغات) لمصلحة المشروع، وجمعتْ جلود الأضاحي، وبِيعت وحُوِّلت أثمانها إلى ميزانية الخطّ، وبذلك انتقلتْ حماسة إنشاء الخطِّ الحجازي إلى العالَم ال...

الكلمة

اجتمع في بعض الزمان ملوك الأقاليم : الصين ، والهند ، وفارس ، والروم . وقالوا : ينبغي أن يتتكلم كل منا بكلمة تدون عنه على غابر الدهر فقال ملك الصين : أنا على ما لم أقل أقدر مني على رد ماقلت . فقال ملك الهند : عجبت لمن يتكلم بالكلمة ، فإن كانت له لم تنفعه ، وإن كانت عليه أوبقته . فقال ملك فارس : أنا إذا تكلمت بالكلمة ملكتني وإذا لم أتكلم بها ملكتها . فقال ملك الروم : ما ندمت على ما لم أتكلم به قط ، ولقد ندمت على ما تكلمت به كثيرا .   كليلة ودمنة

غزالة والحجاج

  كانت غزالة شديدة البأس تقاتل قتالاً شديداً يعجز عنه الأبطال من الرجال ، وقد بعث الحجّاج خمسة قوّاد لمحاربة شبيب (زوج غزالة) ، فهزمهم جميعاً، ثم خرج شبيب من الموصل يريد مهاجمة الكوفة ومعه غزالة ، وخرج الحجّاج من البصرة يريد الكوفة أيضاً ، وأسرع شبيب لملاقاته قبل وصوله الكوفة ، ولكن الحجّاج كان أسرع منه ، فدخل الكوفة وتحصّن في قصر الإمارة خوفاً من ملاقاة شبيب وغزالة ، وقد عيّره الشعراء بذلك ، ومنهم عمران بن حِطّان وكان ملاحقاً من الحجّاج، فقال يعيّره بهروبه من لقاء غزالة واختبائه في دار الإمارة : أسدٌ عليّ وفي الحروب نعامةٌ           فتخاء تنفرُ من صفير الصَّافرِ هلاّ برزتَ إلى غزالةَ في الوغى            بل كان قلبك في جناحي طائرِ صدعت غزالة قلبه بفوارس               تركت مدابره كأمس الدابرِ ودخل شبيب الكوفة ومعه أمه جهيزة وزوجته غزالة عند الصباح ، وكانت غزالة قد نذرت أن تدخل مسجد الكوفة فتصلّي فيه ركعتين ، تقرأ في الأولى سورة «البقرة»، وفي الثانية سورة «آل عمران»، وقد جاؤو...

لاتكن كوافد عاد

لما أبى قوم عاد إلا الكفر أمسك الله عنهم القطر ثلاث سنين فيما يزعمون ، حتى جهدهم ذلك ، وكان الناس إذا جهدهم أمر في ذلك الزمان ، وطلبوا من الله الفرج إنما يطلبونه بحرمه ومكان بيته ، وكان معروفا عند أهل ذلك الزمان وبه العماليق مقيمون وهم من سلالة عمليق بن لاوذ بن سام بن نوح ، وكان سيدهم إذ ذاك رجلاً يقال له "معاوية بن بكر" ، فبعث عاد وفداً قريباً من سبعين رجلاً إلى الحرم ، ليستسقوا لهم عند الحرم ، فمروا بمعاوية بن بكر بظاهر مكة فنزلوا عليه ، فأقاموا عنده شهر يشربون الخمر وتغنيهم الجرادتان "قينتان لمعاوية" فلما طال مقامهم عنده ، وأخذته شفقة على قومهم ، واستحيا منهم أن يأمرهم بالانصراف ، عمل شعراً يعرض لهم بالانصراف وأمر القينتين أن تغنياهم به فقال : ألا يا قيل ويحك قم فهينم                 لعل الله يصبحنا غماما فيسقي أرض عاد إن عاداً            قد أمسوا لا يبينون الكلاما من العطش الشديد فليس نرجو           به الشيخ الكبير ...

سيأتي اليوم الذي يتحد فيه المؤمنون

من أقوال السلطان عبدالحميد الثاني (ت1336هـ): "انصَحُوا الدكتور (هرتزل) بألاَّ يتَّخذ خطواتٍ جديةً في هذا الموضوع ، فإني لا أستطيع أن أتخلَّى عن شِبرٍ واحد من أرض فلسطين ، فهي ليستْ مِلكَ يَميني، بل مِلكُ الأمَّة الإسلامية، ولقد جاهَدَ شَعْبي في سبيلِ هذه الأرض ورَواها بدَمِه، فليحتفظِ اليهودُ بملايينهم، وإذا مُزِّقتْ دولة الخِلافة يومًا، فإنَّهم يستطيعون آنذاك أن يأخذوا فلسطين بلا ثَمَن، أمَّا وأنا حيٌّ فإنَّ عملَ المِبْضع في بَدَني لأهونُ عليَّ مِن أنْ أرى فلسطين قد بُتِرتْ من دولة الخِلافة، وهذا أمرٌ لا يكون، إنِّي لا أستطيعُ الموافقةَ على تشريحِ أجسادنا ونحن على قَيْد الحياة"؛ ا.هـ.   وقال - رحمه الله -: "يجبُ تقويةُ روابطنا ببقيةِ المسلمين في كلِّ مكان، يجب أن نقتربَ مِن بعضنا البعض أكثرَ وأكثرَ، فلا أملَ في المستقبل إلا بهذه الوَحْدة، ووقتها لم يَحِنْ بعدُ، لكنَّه سيأتي اليوم الذي يتَّحد فيه كلُّ المؤمنين، وينهضون نهضةً واحدةً، ويقومون قومةَ رجلٍ واحد، يُحطِّمون رقبةَ الكفَّار"؛ ا.هـ. مذكرات السلطان عبد الحميد الثاني

رحمة الله

موسى عليه السلام  لما دفن اخاه هارون عليه السلام ذكر مفارقته له وظلمة القبر فادركته الشفقة ؛ فبكى ! فأوحى الله تعالى إليه : ياموسى ! لو اذنت لأهل القبور أن يخبروك بلطفي بهم لاخبروك ! ياموسى لم انسهم على ظاهر الارض احياء مرزوقين ! افأنساهم في باطن الارض مقبورين ! ياموسى اذا مات العبد لم انظر الى كثرة معاصيه ولكن انظر إلى قلة حيلته .

لله درك من خمس

كان بعض الخلفاء نذر على نفسه أن لا ينشد شعراً ، ومتى ما أنشد بيت شعر فعليه عتق رقبة . فبينما هو يطوف إذا نظر لشاب يتحدث لشابة جميلة الوجه . فقال له : يا هذا اتق الله أفي مثل هذا المكان ؟ فقال : يا أمير المؤمنين والله ما ذاك لخنى ، ولكنها أبنة عمي وأعز الناس علي ، وإن أباها منعني من تزوجها لفقري وفاقتي ، وطلب مني مئة ناقة ، ومئة أوقية من ذهب ، ولم أقدر على ذلك . فطلب الخليفة أباها ودفع إلية ما أشترط على ابن أخية ، ولم يقم من مقامه حتى زوجه إياها ، ثم دخل بيته وهو يترنم ببيت من الشعر ، فقالت له جارية من حظاياه : أراك اليوم تنشد الشعر ؟ أفنسيت ما نذرت ، أم نراك قد هويت ، فأنشد :   تقولُ وليدتي لما رأتني       طربت وكنتُ قد أسليت حينا أراك اليوم قد أحدثت عهداً            وأورثك الهوى داءً دفينا بحقك هل سمعت لها حديثاً           فشاقك أو رأيت لها جبينا فقلتُ شَكا إلي أخ محب              كمثل زماننا إذ تعلمينا وذو الشجو القديم وإن تعزى          مُحِب حين يلقى ...

كسوتني حلةً تبلى محاسنها

وقال علي بن أبي طالب (ت40هـ) رضي الله عنه : من كانت له إلي حاجة فليرفعها إلي في كتاب لأصون وجهه عن المسألة . وجاءه أعرابي فقال : يا أمير المؤمنين إن لي إليك حاجة ، الحياء يمنعني أن أذكرها ، فقال علي : خطها في الأرض ، فكتب :  إني فقير ، فقال علي : يا قنبر (خادمه) ، أكسِهِ حلتي ، فقال الأعرابي : كسوتني حلة تبلى محاسنها         فسوف أكسوك من حسن الثناء حللا إن نلت حسن الثناء قد نلت مكرمة                    وليس تبغي بما قدمته بدلا إن الثناء ليُحيي ذكر صاحبه           كالغيث يحيي نداه السهل و الجبلا لا تزهد الدهر في عرف بدأت به         كل امرىء سوف يجزى بالذي فعلا فقال علي : يا قنبر ، زده مئة دينار ، فقال قنبر : يا أمير المؤمنين لو فرقتها في المسلمين لأصلحت بها من شأنهم . فقال علي : صه يا قنبر ، فإني سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول : اشكروا لمن أثنى عليكم ، وإذا أتاكم كريم قوم فأكرموه .

القوة العقلية والشهوية والغضبية

القوة العقلية والشهوية والغضبية قال شيخ الاسلام ابن تيمية(ت728هـ) ( وباعتبار القوى الثلاث ، انقسمت الأمم التي هي من أفضل الجنس الإنساني ، وهم العرب والفرس والروم . فإن هذه الأمم هي التي ظهرت فيها الفضائل الإنسانية ، وهم سكان وسط الأرض طولا وعرضا ، فأما السودان والترك ونحوهم فهم لهم تبع ، فغلب على العرب القوة العقلية النطقية ، واشتق اسمها من وصفها ، فقيل لهم : عرب من الإعراب ، وهو البيان والإظهار ، وذلك خاصة القوة المنطقية . وغلب على الروم القوة الشهوية من الطعام والنكاح ونحوهما ، واشتق اسمها من ذلك فقيل لهم : الروم ، فإنه يقال : رمت هذا أرومه إذا طلبته واشتهيته . وغلب على الفرس القوة الغضبية من الدفع والمنع والاستعلاء والرياسة ، واشتق اسمها من ذلك ، فقيل : فرس ، كما يقال : فرسه يفرسه إذا قهره وغلبه . ولهذا توجد هذه الصفات الثلاث غالبة على الأمم الثلاث وحاضرتها وباديتها ، ولهذا كانت العرب أفضل الأمم وتليها الفرس لأن القوة الدفعية أرفع ، وتليها الروم . فتاوى شيخ الإسلام ابن تيمية (ت728هـ) المجلد الثامن

قاهرة الروس

قاهرة الروس "نينه خاتون " إنها المرأة العثمانية التي يعرفها الروس جيدا إلى يومنا هذا ، إنها نينه خاتون . كانت تعيش في حي من أحياء أرضروم في الدولة_العثمانية يُعرف باسم العزيزية ، و كان هذا الحي يقع بالقرب من أحد الحصون الهامة التي كانت تدافع عن المدينة ضد جحافل الجيوش الروسية ، وفي الليلة السابعة من ذو القعدة عام ١٢٩٤هـ قام الجيش الروسي بالاستيلاء على حصن العزيزية بعد أن قتل كل الحامية العثمانية التي إستبسلت في القتال . و كان لدى نينه خاتون شقيق يُدعى حسن ، توفي متأثرًا بجراحٍ شديدة للغاية في مساء هذا اليوم .  و في الصباح عندما وصل إليها خبر استيلاء الروس على حصن العزيزية ، قبّلت شقيقها المتوفى و أقسمت أن تنتقم لموته . تركت نينه وراءها في المنزل ابنتها الصغيرة ذات الأشهر الثلاثة و دموعها تمتزج بدموع إبنتها التي ستفارقها ، وانضمت إلى الاهالي الذين قرروا لقاء العدو انتقاما للدين و الوطن و لشباب الجيش الذين قاتلوا حتى قتلوا ، و اصطحبت معها بندقية شقيقها المتوفى ، بالإضافة إلى فأس صغيرة .  و مع أن الهجمات قام بها المدنيون العثمانيون و معظمهم من النساء و كبار السن المسلحين بالفؤوس...

خشية عمر بن عبد العزيز

تقول فاطمة بنت عبدالملك زوجة عمر بن عبدالعزيز (ت101هـ) عنه : والله ما كان بأكثر الناس صلاة ، ولا أكثرهم صياماً ، ولكن والله ما رأيت أحداً أخوف لله من عمر ، لقد كان يذكر الله في فراشه ، فينتفض انتفاض العصفور من شدة الخوف حتى نقول : ليصبحن الناس ومالهم خليفة .     سيرة عمر بن عبدالعزيز لابن الحكم

المنذر بن سعيد البلوطي

 المنذر بن سعيد البلوطي (ت355هـ) روي أنه نقد الخليفة عبد الرحمن الناصر لدين الله نقدًا لاذعًا مبطّنًا من على المنبر في خطبة الجمعة بسبب إسرافه في الإنفاق على بناء مدينة الزهراء ، فتأذى من ذلك النقد عبد الرحمن حيث أسر لابنه الحكم قائلاً : «والله لقد تعمدني منذر بخطبته ، وما عني بها غيري ، فأسرف علىّ وأفرط في تقريعي وتفزيعي ، ولم يحسن السياسة في وعظي ، فزعزع قلبي وكاد بعصاه يقرعني» . وقد أقسم أن لن يصلي خلفه صلاة الجمعة بعدئذ ، ولم يلجأ إلى عقاب القاضي أو مسه بأي ضرر، بعدها قال له ولده الحكم : « وما لذي يمنعك والإستبدال به؟ » ، فزجره أبوه ونهره قائلاً له : « أمثل المنذر بن سعيد في فضله وخيره وعلمه ؟ لا أم لك . يعزل لإرضاء نفس ناكبة عن الرشد سالكة غير القصد !!، وهذا ما لا يكون . وإني لأستحي من الله ألا أجعل بيني وبينه في صلاة الجمعة شفيعًا مثل المنذر في ورعه وصدقه ، ولكنه أحرجني ، فأقسمت وودت أن أجد سبيلاً إلى كفارة يميني بملكي ، بل يصلي بالناس حياته وحياتنا إن شاء الله، فما أظننا نعتاض منه أبدا». تاريخ علماء الأندلس ابن الفرضي

معركة بروزة

معركة بروزة  أو  بريفيزا  معركة وقعت عام (945هـ)  بالقرب من ميناء بريفيزا غربي اليونان ، وانتصر فيها الأسطول العثماني على تحالف الرابطة المقدسة الصليبي الذي نظمه البابا بولس الثالث كانت معركة هائلة تحركت لها أوروبا استجابة لنداء البابا في روما ، فتكونت حملة صليبية من أسطول مكون من أكثر من 600 قطعة بحرية ، منها 302 سفينة حربية كبيرة تحمل نحو ستين ألف جندي من إسبانيا والنمسا والبندقية ، ويقوده قائد بحري من أعظم قادة البحر في أوروبا هو أندريا دوريا من جنوة ، أما القوات العثمانية فتكونت من 122 سفينة تحمل عشرين ألف جندي فقط التقى الأسطولان في بروزة وفاجأ خير الدين بربروسا خصمه قبل أن يستعد للقتال ، فتفرقت سفنه من هول الصدمة ، وهرب القائد الأوروبي من ميدان المعركة التي لم تستمر أكثر من خمس ساعات والتي حسمت لمصلحة العثمانيين . أثار هذا النصر الفزع والهلع في أوروبا ، وأعاد للبحرية العثمانية هيبتها في البحر المتوسط ، في الوقت الذي استقبل فيه السلطان سليمان القانوني أنباء النصر بفرحة غامرة ، وأمر بإقامة الاحتفالات في جميع أنحاء دولته . هذا النصر ضمن السيادة العث...

إنما طيبته العافية

حج الحجاج بن يوسف (ت95هـ) فمر بين مكة والمدينة ، فأُتي بغدائه فقال لحاجبه : انظر من يأكل معي ، فذهب الحاجب وإذا بأعرابي نائم فأوقظه ، وقال : أجب الأمير ، فقام ، فلما دخل على الحجاج قال له : اغسل يديك ثم تعال تغد معي ، فقال الأعرابي : إنه دعاني من هو خيرٌ منك ، فأجبته ، قال : من هو ؟ قال : الله ، دعاني لصوم فأجبته ، قال الحجاج : في هذا الحر الشديد ؟ قال : نعم ، وصمت ليوم هو أشد حراً منه ، فقال الحجاج : أفطر وصُم ليوم غد ، قال : إن ضمنت لي البقاء إلى الغد . قال الحجاج : ليس ذلك بيدي ، قال : كيف تسألني عاجلاً بآجل لا تقدر عليه ؟ فقال الحجاج : إن طعامنا طعام طيب ، قال الأعرابي : لم تطيبه أنت ولا الطباخ ، إنما طيبته العافية .       البداية والنهاية المجلد 12

الإيفاء بنذر لبيد بن ربيعة

كان لبيد بن ربيعة شريفاً في الجاهلية والاسلام ، وقد نذر أن لا تَهُب الصبا ، إلا نحر وأطعم حتى تنقضي ، فهبت بالإسلام ، وهو بالكوفة مُقترٌ مُملق ، فعلم بذلك الوليد بن عقبة بن أبي مُعيط ، وكان والياً على الكوفة لعثمان بن عفان ، فخطب الناس وقال : إنكم قد عرفتم نذر أبي عقيل ، وما وكد على نفسه ، فأعينوا أخاكم . ثم نزل فبعث إليه بمائة ناقة وأبيات يقول فيها : أرى الجزار تُشحذُ مُديتاه                 إذا هبت رياح أبي عقيل طويل الباع أبيض جَعفَري            كريم المجد كالسيف الصقيل وفى ابن جعفري بما لديه                على العِلاتَ والمال القليل فلما أتته قال : جزى الله الأمير خيراً ، قد عرف الأمير أني لا أقول شعراً ، ولكن اخرجي يابنتي أجيبي الأمير فأجابت قائلة : إذا هبت رياح أبي عقيل               دعونا عند هبتها الوليدا طويل الب...

ياطارق تقدم لشأنك

ذكر ابن الأثير : أن طارق بن زياد (ت120هـ) لما ركب البحر غلبته عينه فنام ، فرأى النبي صلى الله عليه وسلم ، ومعه المهاجرون والأنصار قد تقلدوا السيوف وتنكبوا القسي ، فقال له النبي صلى الله عيه وسلم : (( يا طارق تقدم لشأنك )) ، وأمره بالرفق بالمسلمين ، والوفاء بالعهد ، فنظر طارق فرأى النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه قد دخلوا  الأندلس أمامه ، فاستيقظ من نومه مستبشراً وبشر اصحابه وقويت نفسه ولم يشك بالنصر .     الكامل في التاريخ لابن الأثير الجزء 3 (ت630هـ)

إلا أمم امثالكم

قال الله تعالى :(وما من دابة في الأرض ولا طائر يطير بجناحيه إلا أمم امثالكم...)) قال سفيان بن عيينه (ت198هـ) : ما في الأرض آدمي إلا وفيه شبه من البهائم ، فمنهم من يهتصر اهتصار الأسد ، ومنهم من يعدو عدو الذئب ، ومنهم من ينبح نباح الكلب ، ومنهم من يتطوس كفعل الطاووس ، ومنهم من يشبه الخنازير التي لو ألقى إليها الطعام الطيب عافته ، فإذا قام الرجل عن رجيعه ولغت فيه ، فكذلك تجد من الآدميين من لو سمع خمسين حكمة لم يحفظ واحدة منها ، وإن اخطأ رجل ترواه وحفظه .         قل انظروا لابن القيم

أفزعت منها ملك الروم

قال أبو نواس الحكمي (ت199هـ) دعاني يوما بعض الحاكة ، وألح علي ليضيفني في منزله ، ولم يزل بي حتى أجبته ، فسار إلى منزله وسرت معه ، فإذا منزل لا بأس به ، وقد احتفل الحائك فلم يقصر ، فأكلنا وشربنا ، ثم قال : يا سيدي ، أشتهي أن تقول في جاريتي شيئا من الشعر وكان مغرما بجارية له قال أبو نواس فقلت : أرنيها حتى أنظم على شكلها ، وحسنها ، فكشف عنها الحجاب ، فإذا هي من أسمج خلق الله وأوحشهم ، سوداء شمطاء ديدانية يسيل لعابها على صدرها فقلت لسيدها : ما اسمها ؟ فقال : تسنيم . فأنشأت أقول : أســـهرَ ليــلي حــُبُ تســنيم            جاريــةٌ فــي الحُسنِ  كـالبومِ كأنمــــا نكهتهـــا كـــامخ               أو حزمــة مــن حــزم الثـوم وضـرطت مـن حـبي لهـا ضرطة               أفــزعت منهــا ملــك الــروم قال أبو نواس : فقام الحائك يرقص ويصفق سائر يومه ، ويفرح ويقول : شبهها والله بملك الروم .

إني لا أذل العلم

بعث الأمير خالد بن أحمد الذهلي والي بخارى إلى الأمام البخاري (ت256هـ) : أن أحمل إلي كتاب الجامع والتاريخ ، لأسمع منك . فقال الأمام للرسول : قل له : إني لا أذل العلم ، ولا أحمله على أبواب السلاطين ، فإن كانت له حاجةً إلى شيء منه ، فليحضرني إلى مسجدي أو في داري . ثم سأله الأمير أن يحضر منزله ، فيقرأ الجامع والتاريخ على أولاده ، فامتنع الأمام ، ثم راسله أن يعقد مجلساً لأولاده لا يحضر فيه غيرهم ، فامتنع من ذلك وقال : لا يسعني أن أخص بالسماع قوماً دون قوم . فغضب الأمير واستعان ببعض الفقهاء ، فشغبوا على الأمام ، وتكلموا فيه ، فاتخذ الأمير من ذلك ذريعة ، لنفيه من بخارى ، فدعا عليهم البخاري ، فقال : اللهم أرهم ما قصدوني به في أنفسهم وأولادهم ، فأراهم الله فيهم البلايا ، كما دعا على الأمير فلم يمضي شهر حتى خلعه السلطان ابن الطاهر ، ونادى عليه على حمار ، وكان عاقبة أمره ذلاً وحبسا . أعلام المحدثين لابن شهبة

فتح كاشغر

قال ابن الأثير : وكان قتيبة بن مسلم (ت96هـ) بعد أن فتح كاشغر قد كتب له ملك الصين أن يبعث له رجلا شريفا يخبره عنهم وعن دينهم . فانتخب قتيبة عشرة لهم جمال و ألسن و بأس و عقل  فأمر لهم بعدة حسنة و متاع حسن و خيول حسنة و كان منهم هبيرة الكلابي فقال لهم إذا دخلتم عليه فأعلموه أني قد حلفت أني لا أنصرف حتى أطأ بلادهم و أختم ملوكهم و أجبي خراجهم. فساروا و عليهم هبيرة فلما قدموا عليهم دعاهم ملك الصين فلبسوا ثيابا بياضا تحتها الغلائل و تطيبوا و لبسوا النعال و الأردية و دخلوا عليه و عنده عظماء قومه فجلسوا ولم يكلمهم الملك و لا أحد ممن عنده ، فنهضوا فقال الملك لمن حضره : كيف رأيتم هؤلاء؟  ، فقالوا: رأينا قوما ما هم إلا نساء ما بقي منا أحد إلا انتشر ما عنده . فلما كان الغد دعاهم فلبسوا الوشي و العمائم الخز و المطارف و غدوا عليه ، فلما دخلوا قيل لهم : ارجعوا و قال لأصحابه كيف رأيتم  هذه الهيئة ؟ قالوا أشبه بهيئة الرجال من تلك ، فلما كان اليوم الثالث دعاهم ، فشدوا سلاحهم و لبسوا البيض و المغافر و أخذوا السيوف و الرماح و القسي و ركبوا . فنظر إليهم ملك الصين فرأى مثل الجبل فلما دنوا ركزوا...

من مذكرات السلطان عبدالحميد الثاني

وفي مذكرات السلطان عبدالحميد الثاني (ت1336هـ) يقول - رحمه الله - في رسالةٍ كتبها بعد خلْعِه مِن الحكم إلى شيخه: "محمود أبو الشامات": "إنَّني لم أتخلَّ عن الخِلافة الإسلامية لسببٍ ما سوى أنَّني بسبب المضايقة مِن رؤساء جمعيةِ الاتحاد المعروفة، باسم جون تورك، وتهديدهم اضطررتُ وأُجبِرتُ على ترْك الخلافة ، إنَّ هؤلاء الاتحاديين قد أصرُّوا علي بأنْ أُصادِق على تأسيسِ وطن قومي لليهود في الأرْض المقدَّسة ، ورغم إصرارِهم فلم أقبلْ بصورة قطعية هذا التكليفَ ، وأخيرًا وعدوا بتقديم 150 مليون ليرة إنجليزية ذهبًا ، فرفضتُ هذا التكليف . لقدْ خدمتُ الملَّة الإسلامية، والأمة المحمديَّة ما يَزيد على ثلاثين سَنة ، فلم أُسوِّد صحائف المسلمين آبائي وأجدادي مِن السلاطين والخلفاء ، وبعدَ جوابي القطعي اتَّفقوا على خَلْعي وأبلغوني أنَّهم سيبعدونني إلى (أسلانيك) ، فقبلتُ هذا التكليف الأخير ، وحمدتُ المولى ، وأحمده أنِّي لم أقبلْ أن ألطِّخَ الدولة العثمانية والعالَم الإسلامي بهذا العارِ الأبدي ، الناشِئ عن تكليفهم بإقامةِ دولة يهودية في الأراضِي المقدَّسَة" .       مذكرات السلطان عبدالحميد

الإمام العادل

كتب عمر بن عبدالعزيز (ت101هـ) إلى الحسن البصري يسأله عن الإمام العادل فقال الحسن : (( الإمام العادل يا أمير المؤمنين كالأب الحاني على ولده يسعى لهم صغاراً ، ويعلمهم كباراً ، يكتب لهم في حياته ، ويدخرهم بعد مماته ، وهو كالأم الشفيقة البرة الرفيقة بولدها ، حملته كرهاً ، ووضغته كرهاً ، وربته طفلاً ، وتسهر بسهره ، وتسكن بسكونه ، وتفرح بعافيته ، وتغتم بشكايته ، والإمام العادل يا أمير المؤمنين كقلب بين الجوانح ، تصلح الجوانح بصلاحه وتفسد بفساده ، فلا تكن يا أمير المؤمنين فيما ملكك الله كخادم ائتمنه سيده واستحفظه ماله وعياله ، فبدد المال وشرد العيال ، فأفقر أهله وفرق ماله )) .       عمر بن عبدالعزيز ، لعبدالستار الشيخ