المشاركات

عرض المشاركات من مايو, 2014

من أين أعطيها ؟!

شكت زوجة نور الدين محمود (ت569هـ) يوماً قلت نفقتها ، وأرسلت له أخاها من الرضاع تطلب زيادة ، فقال : من أين أعطيها ما يكفيها ؟ والله لا أخوض في نار جهنم في هواها ، إن كانت تظن أن الذي بيدي من الأموال هي لي فبئس الظن ، إنما هي أموال المسلمين مرصدة لمصالحهم وأنا خازنها فلا أخونهم فيها .  هكذا ظهر جيل صلاح الدين

أهم المهمات للإنسان

كان أبو مسلم الخرساني (ت137هـ) في حال شبابه لا يكاد ينام ، فقيل له في ذلك ، فقال : ذهنٌ صاف ، وهم بعيد ، ونفسٌ تتوق إلى معالي الأمور ، مع عيش كعيش الهمج الرعاع ، قيل : فماذا يبرد غليلك ؟ قال : الظفر بالملك ، قيل : فاطلبه ؟ قال : لا يطلب إلا بالأهوال ، قيل : فأركب الأهوال ؟ قال : العقل مانع ، قيل : فما تصنع ؟ قال : سأجعل من عقلي جهلاً ، وأحاول به خطراً لا يُنال إلا بالجهل .   يقول ابن الجوزي : .... فنظرت إلى حال هذا المسكين ، فإذا به ضيع أهم المهمات وهو جانب الآخرة ، وانتصب في طلب الولايات ، فكم قتل ؟ حتى نال مراده ن لذات الدنيا . ثم لم يتنعم في ذلك ثمان سنين ثم اغتيل ونَسيَ تدبير العقل ، فقُتل ومضى إلى الآخرة على أقبح حال .     صيد الخاطر لابن الجوزي (ت597هـ)

عبيد الله بن عباس

عن أبان بن عثمان قال : أراد رجل أن يضار عبيد الله بن عبَّاس ، فأتى وجوه قريش فقال : يقول لكم عبيد الله : تغدوا عندي اليوم ، فأتوه حتى ملئوا عليه الدَّار، فقال : ما هذا ؟ فأُخْبِر الخبر، فأمر عبيد الله بشراء فاكهة ، وأمر قومًا فطبخوا وخبزوا، وقدِّمت الفاكهة إليهم ، فلم يفرغوا منها حتى وُضِعَت الموائد ، فأكلوا حتى صدروا، فقال عبيد الله لوُكَلَائه : أَوَ موجود لنا هذا كلَّ يومٍ ؟ قالوا: نعم ، قال فليتغدَّ عندنا هؤلاء في كلِّ يوم . وقال المدائني: (أوَّل مَن سنَّ القِرَى إبراهيم الخليل عليه السَّلام ، وأوَّل مَن هشم الثَّريد هاشمٌ ، وأوَّل مَن فطَّر جيرانه على طعامه في الإسلام عبيد الله بن عبَّاس رضي الله عنهما ، وهو أوَّل مَن وضع موائده على الطَّريق ، وكان إذا خرج مِن بيته طعامٌ لا يعاود منه شيءٌ ، فإن لم يجد مَن يأكله تركه على الطَّريق ). وذُكر أنَّ عبيد الله بن العبَّاس أتاه سائل وهو لا يعرفه ، فقال له : تصدَّق عليَّ بشيءٍ ، فإنِّي نُبِّـئت أنَّ عبيد الله بن العبَّاس أعطى سائلًا ألف درهم واعتذر إليه ، فقال : وأين أنا مِن عبيد الله فقال : أين أنت منه في الحسب أم في الكَرَم ؟ قال : فيهما ج...

إذا كنتُ ظمأناً فلا نزل القطر

القصيدة يفوح منها أريج العاطفة الصادقة والفروسية العربية و الحنين إلى الوطن والحبيبة، إلى الحرية  وكيف لا يحن الطائر الحبيس إلى فضائه الرحب.. أراكَ عصيَّ الدَّمْعِ شيمَتُكَ الصَّبْرُ                    أما لِلْهَوى نَهْيٌ عليكَ و لا أمْرُ؟ نعم، أنا مُشْتاقٌ وعنديَ لَوْعَةٌ                        ولكنَّ مِثْلي لا يُذاعُ لهُ سِرُّ! إذا اللّيلُ أَضْواني بَسَطْتُ يَدَ الهوى                    وأذْلَلْتُ دمْعاً من خَلائقِهِ الكِبْرُ تَكادُ تُضِيْءُ النارُ بين جَوانِحي                  إذا هي أذْكَتْها الصَّبابَةُ والفِكْرُ مُعَلِّلَتي بالوَصْلِ، والمَوتُ دونَهُ                    إذا مِتُّ ظَمْآناً فلا نَزَلَ القَطْرُ! حَفِظْتُ وَضَيَّعْتِ المَوَدَّةَ بيْننا              وأحْسَنُ من بعضِ الوَفاءِ لكِ ا...

الأعراب

حضر أعرابي على مائدة يزيد بن مزيد (ت185هـ) فقال لأصحابه : افرجوا لأخيكم ، فقال الأعرابي : لا حاجة لي بإفراجكم ، إن أطنابي طوال ، (يعني سواعده) فلما مد يده ضرط !! فضحك يزيد فقال : يا أخا العرب أظن أن طنبا من أطنابك قد انقطع . ورؤي أعرابي يغطس في البحر ومعه خيط وكلما غطس غطسة عقد عقدة ، فقيل له : ما هذا ؟  قال : جنابات الشتاء أقضيها في الصيف .  وسرق أعرابي غاشية من على سرج ثم دخل المسجد يصلي ، فقرأ الإمام (هل أتاك حديث الغاشية) فقال الأعرابي : يا فقيه لا تدخل في الفضول ، فلما قرأ (وجوه يومئذ خاشعة) قال الأعرابي : خذوا غاشيتكم ولا يخشع وجهي لا بارك الله لكم فيها ثم رماها من يده وخرج .  وحضر أعرابي مجلس قوم فتذاكروا قيام الليل فقيل له : يا أمامة أتقوم الليل ، فقال : نعم ، قالوا : ما تصنع ؟ قال : أبول وأرجع أنام . وسرق أعرابي صرة فيها دراهم ثم دخل المسجد يصلي وكان اسمه موسى فقرأ الإمام ( وما تلك بيمينك يا موسى ) فقال الأعرابي والله إنك لساحر ثم رمى الصرة وخرج . وصلى أعرابي مع قوم فقرأ الإمام (قل أرأيتم إن أهلكني الله ومن معي أو رحمنا) فقال الأعرابي : أهلكك الله وحدك ايش ك...

وقفات للعقل والروح

كنت أمس في مجلس فسمعة حكايتين متناقضتين .... الأولى : يقول رجل : كنت مع عائلتي في غرفة خاصة في مطعم مرموق ، في عاصمة عربية ، وإذا بنا نسمع من الغرفة المجاورة صوت صحن أو كأس انكسر ، وإذا بنا نسمع أصوات ضربات متوالية وصوت طفل صغير يبكي ، والأم المسكينة تحاول إسكات الصغير حتى لا تتطور الأمور إلى ماهو أسوأ ، وطلبت الأسرة الحساب بسرعة ، وخرجت من المطعم ..... الثانية : يقول رجل : كنت أنا وزوجتي في منتزه في ماليزيا ، وكان بجوارنا أسرة غربية لا أعرف من أي بلد قدمت ، وقد قام طفلهم بتحريك الطاولة التي أمامهم ، فأدى ذلك إلى كسر عدد من الصحون والكؤوس ، فارتاع الطفل ، وإذا بوالدته تحتضنه وتقبله ، وتقول لمن حولها : لا عليكم هو بخير ...... وقفات للعقل والروح الجزء ٢ عبدالكريم بكار
قال الأعشى كأن مشيتها من بيت جارتها                   مَرُ السحاب لا ريثٌ ولا عجَلُ

كاتب و حائك

قال ابو القاسم عبد الرحمن بن محمد : بلغني أن الخليفة المهدي (ت169هـ) لما فرغ من بناء قصره عيسا باذ ، ركب في جماعة يسيرة لينظر ، فدخل مفاجأة فأخرج كل من كان هناك من الناس وبقي رجلان خفيا عن أبصار الأعوان فرأى المهدي أحدهما وهو دهش لا يعقل فقال : من أنت ؟ قال : أنا أنا أنا قال : ويحك من أنت ؟ قال : لا أدري ٌال المهدي : ألك حاجة قال : لا لا ، فقال المهدي : أخرجوه أخرج الله نفسه . فلما خرج قال المهدي لغلامه : اتبعه من حيث لا يعلم فسل عن أمره ومهنته فإني أخاله حائكاً . ثم رأى الآخر فاستنطقه فأجابه بقلب قوي ولسان جريء ، فقال المهدي : من أنت ؟ فقال الرجل : أنا رجل من أبناء رجال دعوتك ، فقال : ما جاء بك إلى هاهنا ؟ قال : جئت لأنظر هذا البناء الحسن ، وأتمتع بالنظر وأكثر من الدعاء لأمير المؤمنين بطول المدة وتمام النعمة ونماء العز والسلامة ، قال المهدي : ألك حاجة ؟ قال : نعم خطبت ابنة عم لي فردني أبوها وقال : لا مال لك والناس يرغبون في المال وأنا بها مشغوف ، قال المهدي : قد أمرت لك بخمسين ألف درهم ، فال : جعلني الله فداك يا أمير المؤمنين قد وصلت فأجزلت الصلة ومننت فأعظمت المنة فجعل الله باقي عمرك...

أيام الكريم

أبونواس  تَرَى الناس أفواجاً إلى باب داره                       كأنهمُ رِجلا دَبَى وجَرادِ فَيومٌ لإلحاق الفقير بذي الغِنى                     ويومُ رقابٍ بوكِرَت لحصاد

أول انتصار للعرب على الفرس

يوم ذي قار  هو يوم من أيام العرب في الجاهلية ، هو أول يوم انتصر فيه العرب على الفرس ، وقد وقع فيه القتال بين  العرب   والفرس  في  العراق  وانتصر فيه العرب ذكر  كسرى بن هرمز  يوماً الجمال العربي وكان في مجلسه رجل عربي يقال له : زيد بن عدي وكان النعمان قد غدر بأبيه  عدي بن زيد  وحبسه ثم قتله فقال زيد بن عدي لكسرى : أيها الملك العزيز إن  النعمان بن المنذر  عنده من بناته وأخواته وبنات عمه وأهله أكثر من عشرين امرأة على هذه الصفة. وأرسل كسرى زيداً هذا إلى النعمان ومعه مرافق لهذه المهمة ، فلما دخلا على النعمان قال زيد : إن كسرى أراد لنفسه ولبعض أولاده نساءاً من العرب ، فأراد كرامتك وهذه هي الصفات التي يشترطها في الزوجات : فقرأ عليه بالصفة التي أرادها ، فشق ذلك على النعمان فقال لزيد والرسول يسمع : أما في  مها   السواد  وعين  فارس  ما يبلغ به كسرى حاجته ؟ فقال الرسول لزيد  بالفارسية   : ما المها والعين ؟ فرد بالفارسية : "كاوان" أي  البقر  ، فأمسك الرسول ، فقال زيد للنعمان : إنما أراد الملك كر...
ولقد أمُرُ على اللئيم يَسُبُّني                   فأجوز ثم أقول لا يعنيني

رائعة

مليحٌ يغارُ الغُصنُ عند اهتزازهِ             ويخجلُ بدرُ  إلتّم  عند شرُوقِهِ فما فيهِ ناقِصٌ غيرُ خَصرِهِ                ومافيه شيءٌ باردٌ غيرُ رِيقِهِ

مامعنا أحدٌ في البيت

كان عبد الله بن معاوية بن عبد الله بن جعفر بن أبي طالب صديقاً للوليد بن يزيد (ت126هـ) يأتيه ويؤانسه فجلسا يوماً يلعبان بالشطرنج إذ أتاه الآذن فقال : أصلح الله الأمير رجل من أخوالك من أشراف ثقيف قدم غازياً فأحب السلام عليك فقال الوليد : دعه ، فقال عبد الله : وماعليك ؟ ائذن له فنظل نحن على لعبنا فادع بمنديل يوضع عليها ونسلم على الرجل ونعود ، ففعل ثم قال : ائذن له ، فإذا هو هيبة وبين عينيه أثر السجود وهو معتم قد رجل لحيته فسلم ثم قال : أصلح الله الأمير قدمت غازياً فكرهت أن أجوزك حتى أقضي حقك فقال الوليد : حياك الله وبياك وبارك عليك ثم سكت عنه فلما أنس ، أقبل عليه الوليد فقال : يا خال هل جمعت القرآن ؟ قال : لا ، كانت لنا شغلتنا عنه شواغل ، فقال الوليد : أحفظت من سنة الرسول صلى الله عليه وسلم ومغازيه واحاديثه شيئاً ؟ فقال : لا ، كانت شغلتنا عن ذلك شواغل . فقال الوليد : فأحاديث العرب وأشعارها ؟ فقال : لا ، فقال الوليد : فأحاديث أهل الحجاز ومضاحيكها ؟ فقال : لا ، فقال الوليد : فأحاديث العجم و آدابها قال : ذاك شيء ماطلبته ، فرفع الوليد المنديل وقال : شاهك ، فقال عبد الله : سبحان الله ، فقا...

معاوية وعقيل

كتب معاوية بن ابي سفيان (٦٠)ت رضي الله عنه إلى عقيل بن أبي طالب (٤٩)ت رضي الله عنه يعتذر إليه من شيء جرى بينهما ، يقول : من معاوية بن أبي سفيان إلى عقيل بن أبي طالب . أما بعد ، يابني عبدالمطلب ، فأنتم والله فروع قصي ولباب عبد مناف وصفوة هاشم ، فأين أخلاقكم الراسية وعقولكم الكاسية ؟ وقد والله أساء أمير المؤمنين ماكان جرى ، ولن يعود لمثله إلى أن يغيب في الثرى ، فكتب إليه عقيل يقول : صدقت وقلت حقاً غير أني                   أرى أن لا أراك ولا تراني ولست أقول سوءًا في صديقي                     ولكني أصد إذا جفاني فركب إليه معاوية ، وناشده في الصفح عنه ، واستعطفه حتى رجع .
البارودي ياهاجري من غير ذنبٍ في الهوى                  مهلاً فهجرك والمنون سواءُ

فمن زاد فهو يزعم أن الشريعة ناقصة

يقول ابن القاضي شهبة : كان نور الدين محمود (ت569هـ) لما صارت له الموصل قد أمر كمشكتين "الوالي عليها" ألايعمل شيئاً إلا بالشرع إذا أمره القاضي ، وألا يعمل القاضي والنواب كلهم شيئاً إلا بعد موافقة ومراجعة الشيخ عمر الملا فيها وعندما حضر والي الموصل وبعض القادة والأمراء فيها إلى الشيخ عمر الملا لكي يكتب إلى نور الدين كتاباً يطلب منه أن يسمح بتشديد العقوبة على بعض المخالفات بسبب كثرة مرتكبيها وعدم ارتداعهم ، وكانت أوامر نور الدين أن تكون العقوبات مطابقة لما ورد بأحكام الشريعة بدون زيادة أو نقصان ولم يجرؤ الوالي على الكتابة لنور الدين بهذا الموضوع خشية التأنيب وأعتقد أن الشيخ عمر بما له من دالة على نور الدين ربما نجح بالمطلوب ، فكتب الشيخ عمر كتاباً إلى نور الدين يقول فيه :" إن الزعار وقطاع الطرق والمفسدين قد كثروا ويحتاج إلى نوع من السياسة ومثل هذا لا يجيء إلا بقتل وصلب وضرب ، وإذا أخذ مال إنسان في البرية من يجيء ليشهد له" ؟ فأجاب نور الدين على ظهر رسالة الشيخ بقوله : "إن الله تعالى خلق الخلق وهو أعلم بمصلحتهم ، وإن مصلحتهم تحصل فيما شرعه على وجه الكمال ، ولو علم أ...

فما كل مصقول الحديد يماني

دخل محمد بن العباد على المأمون(ت218هـ) ، فجعل يعممه بيده وجارية على رأسه تتبسم ، فقال لها المأمون : مم تضحكين ؟ فقال ابن عباد : أنا أخبرك يا أمير المؤمنين تتعجب من قبحي وإكرامك إياي ، فقال المأمون : لا تعجبي فإن تحت هذه العمامة كرماً ومجدا ثم قال : وهل ينفع الفتيان حسن وجههم             إذا كانت الأعراضُ غير حسان فلا تجعل الحسنَ الدليل على الفتى               فما كل مصقول الحديد يماني    

المبرّد عند المتوكل

قرأ المتوكل يوما في حضرة الفتح بن خاقان قول الله تعالى: وَمَا يُشعِرُكم أنها إذا جاءت لا يؤمنون  بفتح همزة (أن)، فقال له الفتح : إنها يا سيدي بالكسر، وصمم كل منهما على أنه على صواب ،  فتبايعا على عشرة آلاف درهم يدفعها من لا يكون الحق في جانبه . فتحاكما إلى يزيد بن محمد المهلبي ، وكان صديقا للمبرد ، ولكنه خاف أن يسخط أيا منهما، فأشار بتحكيم المبرد، فلما استدعاه الفتح وسأله عنها قال : «إنها بالكسر، وهو الجيد المختار، وذكر تفسير ذلك والأدلة عليه». فلما دخلوا على المتوكل سأله عنها، فقال : «يا أمير المؤمنين، أكثر الناس يقرءونها بالفتح»، فضحك المتوكل وضرب رجله اليسرى، وقال: «أحضر المال يا فتح». فلما خرجوا من عنده عاتبه الفتح فقال المبرد: «إنما قلت: أكثر الناس يقرءونها بالفتح، وأكثرهم على الخطأ، وإنما تخلصت من اللائمة، وهو أمير المؤمنين». وتوثقت صلته بالفتح الذي أعجب بعلمه وذكائه وغزارة علمه وحسن حديثه؛ فكان كل منهما يحرص على ود صاحبه، ويقدر له مكانته.

جرير يرثي زوجته

جرير لولا الحياء لهاجني استعبار                ولزرت قبرك والحبيب يزار ولقد نظرت وما تمنّع نظرة            في اللحد حيث تمكن الإحفار ولّهتِ قلبي إذ علتني كبرة             وذوو التمائم من بنيك صغار لا يلبث القرناء أن يتفرقوا                      ليل يكر عليهم ونهار صلى الملائكة الذين تخيروا                  والطيبون عليك والأبرار فلقد أراك كسيتِ أحسن منظر               ومع الجمال سكينة ووقار كانت إذا هجر الحبيب فراشها           خُزِنَ الحديث وعفّتِ الأسرار

المرء يجمع والزمان يفرق

المرء يجمع و الزمان يفرق                ويظل يرقع و الخطوب تمزق ولأن يعادي عاقلا خير له               من أن يكون له صديق أحمق فارغب بنفسك أن تصادق أحمقا         إن الصديق على الصديق مصدق وزن الكلام إذا نطقت فإنما            يبدي عيوب ذوي العقول المنطق ومن الرجال إذا استوت أحلامهم          من يستشار إذا استشير فيطرق حتى يجول بكل واد قلبه               فيرى ويعرف ما يقول فينطق وإن امرؤ لسعته أفعى مرة             تركته – حين يجر حبل – يفرق  ما الناس إلا عاملان ، فعامل            قد مات من عطش . وأخر يغرق والناس في طلب المعاش وإنما                  بالجد يرزق منهم من يرزق  لكنه فضل المليك عليهم                     هذا عليه...

مثل لنفسك أيها المغرور

الملك العادل المجاهد نور الدين محمود زنكي (ت569هـ) أنه استعرض جيشه في دمشق ، وعمل مهرجاناً ضخماً حضره الأمراء والوزراء والقواد، وحضره الناس وأهل دمشق في مقام بهيج وفي حفل مرعب ، ولما اكتمل هذا الحفل دخل أحد علماء الإسلام اسمه ابن الواسطي ، دخل ببردته ووقف أمام السلطان ثم قال له :استمع أيها السلطان لموعود سلطان السموات والأرض ، فتوقف الناس وخمد المهرجان وانتظروا ماذا يقول هذا الواعظ ، فقال لهذا السلطان وهو على سرير الملك : مثل وقوفك أيها المغرور                    يوم القيامة والسماء تمور إن قيل نور الدين رحت مسلما                فاحذر بأن تبقى وما لك نور أنهيت عن شرب الخمور وأنت في                  كأس المظالم طائش مخمور عطلت كاسات المدام تعففا                   وعليك كاسات الحرام تدور ماذا تقول إذا نقلت إلى البلى                       فردا وجاءك منكر ونكي...

شجاع وجبان !!

ذكر أنه كان لفتى من قريش جارية مليحة الوجه حسنة الأدب، فأصابته ضائقة وفاقة ، فاحتاج إلى ثمنها، فحملها إلى العراق، وكان ذلك في زمن الحجاج بن يوسف (ت95هـ) ، فأشتراها منه الحجاج فوقعت منه بمنزلة ، فقدم عليه فتى من ثقيف من أقاربه ، فأنزله قريبا منه ، وأحسن إليه ، فدخل على الحجاج ، والجارية تكبسه ، وكان الفتى جميلاً ، فجعلت الجارية تسارقه النظر، ففطن الحجاج لها ، فوهبها له ، فأخذها وأنصرف ، فباتت معه ليلتها وهربت في جنح الليل فأصبح لا يدري أين هي ، وبلغ الحجاج ذلك ، فأمر مناديا أن ينادي برئت الذمة ممن رأى وصيفة من صفتها كذا وكذا، أو لم يحضرها ، فلم يلبث أن أُتي له بها، فقال لها الحجاج : يا عدوة الله كنتِ عندي من أحب الناس إليّ فأخترت أبن عمي شاباً حسن الوجه ، ورأيتكِ تسارقينه النظر ، فعلمتُ أنكِ شغفتِ به ، فوهبتك له ، فهربتِ من ليلتك ، فقالت يا سيدي : أسمع قصتي ، ثم أصنع بي ما شئت ، قال : هاتي ولا تخفي شيئا . قالت : كنت للفتى القرشي ، فاحتاج إلى ثمني ، فحملني إلى الكوفة ، فلما قربنا منها دنا مني فوقع عليّ ، فسمع زئير الأسد ، فوثب واخترط سيفه وحمل عليه ، وضربه ، فقتله ، وأتى برأسه ، ثم أ...

هارون الرشيد والفضل بن يحيى

لما قتل الرشيد (ت193هـ) جعفر بن يحيى البرمكي  قبض على أبيه يحيى وأخيه الفضل المذكور، وكان عنده ، ثم توجه الرشيد إلى الرقة وهما معه وجميع البرامكة في التوكيل غير يحيى ، فلما وصلوا إليها وجه الرشيد إلى يحيى أن أقم بالرقة أو حيث شئت ، فوجه إليه : إني أحب أن أكون مع ولدي ، فوجه إليه : أترضى بالحبس ؟ فذكر أنه يرضى به ، فحبس معهم ، ووسع عليهم ، ثم كانوا حينا يوسع عليهم وحينا يضيق عليهم حسبما ينقل إليه عنهم ، واستصفى أموال البرامكة . ويقال : إن الرشيد سير مسرورا الخادم إلى السجن ، فجاءه فقال للمتوكل بهما : أخرج إلي الفضل ، فأخرجه ، فقال له : إن أمير المؤمنين يقول لك : إني قد أمرتك أن تصدقني عن أموالكم ، فزعمت أنك قد فعلت ، وقد صح عندي أنك بقيت لك أموالا كثيرة ، وقد أمرني إن لم تطلعني على المال أن أضربك مائتي سوط ، وأرى لك أن تؤثر مالك على نفسك ، فرفع الفضل رأسه وقال : والله ما كذبت فيما أخبرت به ، ولو خيرت بين الخروج من ملك الدنيا وأن أضرب سوطا واحدا لاخترت الخروج ، وأمير المؤمنين يعلم ذلك ، وأنت تعلم أنا كنا نصون أعراضنا بأموالنا، فكيف صرنا نصون أموالنا بأنفسنا ؟ فإن كنت قد أمرت بشيء فام...

ما أرانا إلا أنا روعناك

قال ابن عباس رضي الله عنه (ت٦٨هـ) : ورد علينا الوليد بن عتبه بن أبي سفيان المدينة والياً ، وكأن وجهه ورقة من ورق المصحف والله ما ترك فينا فقيراً إلا أغناه ، ولا مديوناً إلا أدى عنه دينه ، ولقد شهدت منه مشهداً لو كان من معاوية لذكرته ، تغدينا يوماً عنده ، فأقبل الفراش بصحفة ، فعثر في وساده ، فوقعت الصحفه من يده ، فوالله ما ردها إلا ذقن الوليد ، وانكب جميع مافيها في حجرِه ، فبقي الغلام متمثلاً واقفاً مامعه من روحه إلا مايقيم رجليه ، فقام الوليد فدخل ، فغيّر ثيابه ، وأقبل علينا تبرق أسارير وجهه ، فأقبل على الفراش وقال : يا بائس ما أرانا إلا روعناك ، اذهب فأنت وأولادك أحرار لوجه الله .

عدل عماد الدين زنكي

الشهيد عماد الدين زنكي (ت541هـ) كان ينهي أصحابه عن أقتناء الأراضي ، والأكتفاء بالاقطاعات لأن الأملاك متى صارت لأصحاب السلطان ، ظلموا الرعية ، وتعدوا عليهم وغصبوهم أملاكهم ولحسن سيرته قصده الناس يتخذون بلاده داراً للإقامة ومن عدله أنه لما فتح المعرة وأخذها من الفرنج جاءه الناس يطلبون أملاكهم وكان عماد الدين حنفي المذهب ومن مذهب أبي حنيفة "أن الكفار إذا استولوا على بلد وفيه أملاك المسلمين خرجت تلك الأموال عن أصحابها لصيرورة البلد دار حرب ، فإذا عاد البلد بعد ذلك إلى المسلمين كانت تلك الأملاك لبيت المال ، ولما طلب الناس منه أملاكهم استفتى عماد الدين الفقهاء ، فأفتوه بما يقتضيه مذهبهم ، وهو أن أملاكهم ونحن نأخذ أملاكهم فأي فرق بيننا وبين الفرنج ؟ كل من أتى بكتاب يدل على أنه مالك الأرض فليأخذها ، فرد إلى الناس جميع املاكهم ، ولم يعترض لشيء منها . مفرج الكروب في أخبار بني أيوب ج١

لأن أرعى الجمال خير من رعي الخنازير

قام ملوك الطوائف وخاصة ابن عباد ووجهاء غرناطة وقرطبة وبطليوس بالاتفاق فيما بينهم على طلب النصرة من الدولة المرابطية الفتية التي قامت على أسس الجهاد على الرغم من كثرة الاعتراضات من بعض القادة بسبب خوفهم من تفرد يوسف بن تاشفين (ت٤٩٩هـ) زعيم المرابطين بالحكم وحده حال قدومه ويذكر أن ابن المعتمد عاتب أباه على طلب مساعدة المرابطين إلا ان المعتمد قال قولته الشهيرة "أي بني، والله لا يسمع عني أبداً أنني أعدت الأندلس دار كفر ولا تركتها للصليبيين، فتقوم علي اللعنة في منابر الإسلام مثلما قامت على غيري، تالله إنني لأوثر أن أرعى الجمال لسلطان مراكش على أن أغدو تابعاً لملك الصليبيين وأن أؤدي له الجزية، إن رعي الجمال خير من رعي الخنازير"        الزلاقة: بقيادة يوسف بن تاشفين، ابوخليل شوقي

عدل الإسلام / جوستاف

  "إن القوة لم تكن عاملا في إنتشار القرآن ما ترك العرب المغلوبين أحرارا في أديانهم ،فإذا حدث أن إعتنق بعض الأقوام النصرانية الإٍٍٍسلام وإتخذوا العربية لغة لهم فذلك لما رأوه من عدل العرب الغالبين مما لم يروا مثله من سادتهم السابقين ، ولما كان عليه الاسلام من السهولة التي لم يعرفوها من قبل " " ولم ينتشر القرآن إذا بالسيف ، بل إنتشر بالدعوة وحدها ، وبالدعوة وحدها إعتنقته الشعوب التي قهرت العرب مؤخرا كالترك والمغول" "أدرك الخلفاء السابقون الذين كان عندهم من العبقرية السياسية ما ندر وجوده في دعاة الديانات الجديدة أن النظم والأديان ليست مما يفرض قسرا فعاملوا أهل كل قطر استولوا عليه بلطف عظيم تاركين لهم قوانينهم و نظمهم و معتقداتهم ،غير فارضين عليهم سوى جزية زهيدة في الغالب ،إذا ما قيست بما كانوا يدفعونه سابقا ،في مقابل حفظ الأمن بينهم ، فالحق ان الأمم لم تعرف فاتحين متسامحين مثل العرب ولا دينا سمحا مثل دينهم" حضارة العرب لغوستاف لوبون

وصف علي بن ابي طالب

طلب معاوية بن أبي سفيان رضي الله عنه (ت60هـ) من ضرار الصُدائي أن يصف علي بن أبي طالب رضي الله عنه (ت40هـ) فقال : كان والله بعيد المدى ، شديد القوى ، يقول فصلا ، ويحكم عدلا ، يتفجر العلم من جوانبه ، وتنطق الحكمة من نواحيه ، ويستوحش من الدنيا وزهرتها ، ويستأنس بالليل ووحشته ، وكان غزير العبرة ، طويل الفكرة ، يعجبه من اللباس ماقصر ومن الطعام ماخشن ، وكان فينا كأحدنا ، يجبنا إذا سألناه ، ونحن والله مع قربنا له لا نكاد نكلمه هيبة له ، يعظم أهل الدين ، ويقرب المسكين ، وأشهد أني رأيته في بعض مواقفه وقد أرخى الليل سدوله ، وهو قابضا على لحيته ، يتململ تململ السقم ، ويبكي بكاء الحزين ، ويقول : يا دنيا غري غيري إلي تعرضتي أم إلي تشوَفت ، هيهات هيهات ، قد طلقتك ثلاثا لا رجعة فيها ، فعمرك قصير ، وخطرك كثير ، آه من قلة الزاد ، وبعد السفر ، ووحشة الطريق . فبكى معاوية وقال : رحم الله أبا الحسن ، كان والله كذلك ، فكيف حزنك عليه ياضرار ؟ قال : حزن من ذبح ولدها وهو في حجرها .   الاستيعاب في معرفة الاصحاب لبن عبدالبر المجلد ٣

علو في الحياة وفي الممات

 في عصر دولة البويهيين كان هناك وزيرا للسلطان البويهي يكنى ابن بقية (ت367هـ) وكان محبوبا من العامة لكثرة بذله وعطاءه لهم من أمواله الخاصة حتى قيل كأن العامة أبناءه مما أشعل نار الحقد والكرهية في نفس الملك عضد الدولة البويهي فقام بتدبير مكيدة للايقاع به ونجح في ذلك وكان عقاب تلك المكيدة الصلب فصلبه على جذع شجرة ومنع الشعراء من أن يرثوه بقصائد او أن يبكونه العامة وأمر السلطان باشعال النار حول ابن بقية ليلا كي لا يقترب منه أحد ووضع عنده حراس ليردوا من حاول الاقتراب منه وكان الناس يرونه من بعيد ويبكونه وكان الشاعر ابي الحسن الانباري خارج بغداد أثناء هذه الحادثة ولم يعلم بها وكان من أعز أصدقاء ابن بقية الوزير المصلوب فكانت تربطهم صداقة متينة فعندما دخل بغداد ووجد الوزير مصلوب بكى بكاء شديدا وتوجه اليه مباشرة رغم منع السلطان من الاقتراب منه ووقف تحته وأنشد ولكم أن تتخيلوا جمال التصوير في الأبيات المرتجلة التي يقول فيها : علوَّ في الحياة وفي الممات                       لحق أنت اح...

اتخذ معبود يليق بصلاتك

رأت فأرة جملاً فأعجبها ، فجرت خطامه فتبعها ، فلما وصلت إلى باب بيتها وقف فنادى بلسان الحال إمّا أن تتخذي داراً يليق بمحبوبك أو محبوباً يليق بدارك ، وهكذا أنت إمّا أن تصلي صلاة تليق بمعبودك ، وإما أن تتخذ معبوداً يليق بصلاتك الفوائد لابن القيم (ت٧٥١هـ)

كرماء

كان هشام بن حسَّان إذا ذكر يزيد بن المهلَّب يقول: إن كادت السُّفن لتجري في جوده . وكان ناسٌ مِن أهل المدينة يعيشون لا يدرون مِن أين كان معاشهم، فلمَّا مات علي بن الحسين، فقدوا ذلك الذي كانوا يُؤْتَون باللَّيل . وقال أبو السَّوَّار العدويُّ : (كان رجالٌ مِن بني عدي يصلُّون في هذا المسجد، ما أفطر أحدٌ منهم على طعامٍ قطُّ وحده، إن وجد مَن يأكل معه أكل، وإلَّا أخرج طعامه إلى المسجد، فأكله مع النَّاس، وأكل النَّاس معه) . وكان يقال للفضل بن يحيى : حاتم الإسلام... وكان يقال: حدِّث عن البحر ولا حرج ، وعن الفضل ولا حرج .

على ماكان من غدرك

قال ابن الكلبي لما فتح عمرو بن العاص (ت٤٣هـ) قيسارية سار حتى نزل على غزة فبعث إليه ملكها أن أرسل إلي رجًلا من أصحابك أكلمه ، ففكر عمرو فقال : ما لهذا العلج أحد غيري ، فقام حتى دخل على العلج فكلمه ، فسمع كلامًا لم يسمع مثله قط فقال له العلج : حدثني هل من أصحابك أحد مثلك ؟ قال عمرو : لا تسأل عن هواني عندهم إذا بعثوني إليك وعرضوني للمهالك ، فلا يدرون ماتصنع بي ، فأمره بالإنصراف ، وأعطاه جائزة وكسوة ، وبعث إلى البواب إذا مر بك فاضرب عنقه وخذ ما معه ، فمر برجل من النصارى من غسان فعرفه ، فقال يا عمرو : قد أحسنت  الدخول فأحسن الخروج ، فرجع فقال له الملك : ما ردك إلينا ، قال : نظرت فيما أعطيتني فلم أجد  ذلك ليسع بني عمي فأردت أن آتيك بعشرة منهم تعطيهم هذه العطية فيكون معروفك عند  عشرة خيرًا من أن يكون عند واحد ، قال الملك : صدقت أعجل بهم ، وبعث إلى البواب خل سبيله ، فخرج  عمرو وهو يلتفت ، حتى إذا أمن ، قال : لا عدت لمثلها أبدًا ، فلما صالحه عمرو ودخل عليه العلج ، فقال العلج له : أنت هو.. قال على ما كان من غدرك . الأذكياء لابن الجوزي

كرم عبدالله بن جدعان

هو عبد الله بن جدعان بن عمرو بن كعب بن سعد بن تيم بن مرة سيد بني تيم ، وهو ابن عم والد أبي بكر الصديق رضي الله عنه وكان من الكرماء الأجواد في الجاهلية المطعمين للمسنتين وكان في بدء أمره فقيرا مملقا وكان شريرا يكثر من الجنايات حتى أبغضه قومه وعشيرته وأهله وقبيلته وأبغضوه ، حتى أبوه فخرج ذات يوم في شعاب مكة حائرا بائرا ، فرأى شقا في جبل فظن أن يكون به شيء يؤذي فقصده لعله يموت فيستريح مما هو فيه ، فلما اقترب منه إذا ثعبان يخرج إليه ويثب عليه فجعل يحيد عنه ويثب فلا يغني شيئا فلما دنا منه إذا هو من ذهب وله عينان هما ياقوتتان ، فكسره وأخذه ودخل الغار فإذا فيه قبور لرجال من ملوك جرهم ، ومنهم الحارث بن مضاض ، الذي طالت غيبته فلا يدرى أين ذهب ، ووجد عند رءوسهم لوحا من ذهب فيه تاريخ وفاتهم ومدد ولايتهم ، وإذا عندهم من الجواهر واللآلئ والذهب والفضة شيء كثير فأخذ منه حاجته ثم خرج وعلم باب الغار ، ثم انصرف إلى قومه فأعطاهم حتى أحبوه وسادهم ، وجعل يطعم الناس ، وكلما قل ما في يده ذهب إلى ذلك الغار  فاخذ حاجته ثم رجع.  وكانت له جفنة يأكل منها الراكب على بعيره ، ووقع فيها صغير فغرق ، وذكر ابن ...

ذا الوجهين

روي أن معاوية لما نصب ولده يزيد لولاية العهد ، أقعده في قبة حمراء ، فجعل الناس يسلمون على معاوية ثم يميلون إلى يزيد ، حتى جاء رجل ففعل ذلك ، ثم رجع إلى معاوية ، فقال : يا أمير المؤمنين : اعلم أنك لو لم تول هذا أمور المسلمين لأضعتها ، والأحنف بن قيس جالس . فقال له معاوية : مابالك يا أبا بحر لا تقول ؟ فقال الأحنف : أخاف الله إن كذبت ، أخافكم إن صدقت ، فقال له معاوية : جزاك الله عن الطاعة خيراً ، وأمر له بألوف فلما خرج لقيه ذلك الرجل بالباب ، فقال : يا أبا بحر إني أعلم أن شر من خلق الله هذا وأبنه ، ولكنهم قد استوثقوا من هذه الأموال بالأبواب والأقفال ، فليس نطمع في استخراجها إلا بما سمعت ، فقال الأحنف : أمسك عليك ، فإن ذا الوجهين خليق أن لا يكون عند الله وجيهاً             الشهب اللامعة في السياسة النافعة عبد الله بن رضوان المالقي

الاستعانه بمشرك

لما خرج الرسول صلى الله عليه وسلم إلى بدر لحقه رجل من المشركين عند الحرة ، فقال : إني أريد أن أتبعك ، وأصيب معك ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : أتؤمن بالله ورسوله ؟ قال : لا ، قال : ارجع فلن نستعين بمشرك ، ثم لحقه عند الشجرة ، فقال : جئتك لأتبعك وأصيب معك ، قال : اتؤمن بالله ورسوله ؟ قال : لا ، قال : أرجع فلن نستعين بمشرك ، ثم لحقه عند ظهر البيداء فقال له مثل ذلك ، فأجابه بمثل الأول فقال : نعم ، فخرج به وفرح به المسلمون وكان له قوة وجلد . وهذا أصل عظيم في أن لا يستعان بكافر ، هذا وقد خرج ليقاتل بين يدي النبي صلى الله عليه وسلم ، ويراق دمه ، فكيف استعمالهم على رقاب المسلمين .

بايزيد الأول

يحكى أن السلطان العثماني بايزيد الاول ( ت805هـ) رأى هاتفاً في المنام فانتفض ، وأمر أمين سرّه أن يجهز بعض النفر كي يذهبوا جميعاً إلى مكان ما، فقصد السلطان وبعض الحاشية متنكرين المكان المقصود على حسب ما جاء في المنام ولدى وصولهم إليه وجدوا أنه حي سكني يقطنه ذوو الحال الميسور، ورأوا لفيفاً من الناس مجتمعين حول شخص قد مات للتو ، فسألهم السلطان : ما الأمر؟ فأجابوه أن هذا شخص يعمل في حيهم منذ مدة طويلة وكان مثال الجد والتفاني في عمله ( نعّال لحوافر الخيول ) .  فسألهم السلطان : لماذا لا تدفنوه إذاً ؟.  فقالوا: إننا لا نعلم أين يسكن و لا من أين يأتي كل يوم، ثم إنه رغم جدّه في عمله كان منبوذاً ومكروها من كل أهل الحي لأنه كان بعد انتهاء عمله يشاهد حاملاً زجاجات الخمر ومصاحباً لبنات الهوى , لذلك حين توفي أقسمنا أن نتركه هكذا دون دفن.  فأقترح عليهم السلطان بأن يخلّصهم من جثته ؛ فوافقوا .  حمل النفر الجثة وساروا بها ، فهمس السلطان في أذن أمين سره أن يدفنه في باحة مسجده ، فحاول أمين السر أن يعترض قائلا : - يا سيدي السلطان.. بعد العمر الطويل ستدفن في ذلك المكان و لا يصح أبداً أن يك...

النحل

الإمامُ ابن القيم تفصيلاً بديعًا في كتابه النفيس الماتع "مفتاح دار السعادة"، وأورده إيراد الفقيه الخبير مشتملاً على عجائب تسع في النحل يقول : الأولى: كمال طاعتها وحسن ائتمارها لأمر ربها؛ إذ اتخذت بيوتها في هذه الأمكنة الثلاثة؛ في الجبال وفي الشجر وفي بيوت الناس حيث يعرشون؛ أي يبنون العروش وهي البيوت، فلا يرى للنحل بيتٌ غير هذه الثلاثة البتة. الثانية: اجتهادها في صنعة العسل، وبناؤها البيوت المسدسة التي هي من أتم الأشكال وأحسنها استدارة وأحكمها صنعة، فإذا انضم بعضُها إلى بعض لم يكن بينها فرجة ولا خلل؛ كل هذا بغير مقياس ولا آلة ولا بيكار، وتلك من أثر صنع الله وإلهامه إياها وإيحائه إليها. الثالثة: أكثر بيوتها في الجبال وهو البيت المقدم في الآية، ثم في الأشجار وهي من أكثر بيوتها، ومما يعرش الناس، وأقل بيوتها بينهم حيث يعرشون، وأمـا في الجبال والشجر فبيوت عظيمة يؤخذ منها من العسل الكثير جدًّا. الرابعة: ما أداها إليه حسنُ الامتثال من اتخاذ البيوت أولا، فإذا استقر لها بيت خرجت منه فرعت وأكلت من الثمار ثم أوت إلى بيوتها؛ لأن ربها سبحانه أمرها باتخاذ البيوت أولا، ثم بالأك...

أولادنا ثمار قلوبنا

ذات يوم غضب معاوية بن أبي سفيان (ت60هـ) على ابنه يزيد فهجره ، فقال الأحنف بن قيس : يا أمير المؤمنين ، أولادنا ثمار قلوبنا ، وعماد ظهورنا ونحن لهم سماء ظليلة ، وأرض ذليلة ، إن غضبوا فأرضهم ، وإن طلبوا فأعطهم ، ولاتكن عليهم ثقيلاً فيملوا حياتك ويتمنوا موتك ، فقال معاوية : لله  درك يا أبا بحر ، ياغلام إتي يزيد فقرأه مني السلام .         البداية والنهاية

ياعابد الحرمين

محمد بن إبراهيم بن أبي سكينة قال أملي عليَّ عبدُ الله بنُ المبارك (ت181هـ) هذه الأبياتَ بطرطوس ، وودعتُه للخروج وأنشدها معي إلى الفضل بن عياض(ت187هـ) في سنة سبعين ومائة ، وفي رواية سنة سبع وسبعين ومائة : يا عابدَ الحرمين لَوْ أبْصَرْتَنا                    لَعَلمْتَ أنكَ في العبادِة تلعبُ  من كان يخضب خدَّه بدموعِه                       فَنُحورنا بدمائنا تَتَخضَّب  أو كان يُتْعِبُ خَيْلَه في باطلٍ                     فخُيولنا يومَ الصبِيحة تَتْعبُ ريحُ العبيرِ لكم ونحنُ عبيرُنا                   وَهجُ السنابِك والغبارُ الأطيبُ  ولَقَد أتانا من مَقَالِ نبينا     ...

رثاء التهامي لابنه

علي بن محمد التهامي (ت٤١٦هـ)  قال قصيده يرثي ولده : حكم المنيةِ في البريةِ جاري                         ماهذه الدنيا بدار قَرارِ إني لأرحم حاسدي لحرِّ ما                   ضمَّت صدورهم من الأوغار طبعت على كدرٍ وأنت تريدها                    صفواً من الأقدار والأكدار ومكلف الأيام ضد طباعها                      متطلبٌ في الماء جذوة نارِ وإذا رجوتَ المستحيل فإنما                  تبني الرّجاء على شفير هارِ ليس الزمـانُ وإن حرصـتَ مسالمـاً           خُـلُـقُ الـزمــانِ عـــداوَةُ الأحـــرارِ جاورت أعدائي وجاور ربَّه                    شتان بين جواره وجواري   فرؤي في المنام أن الله غفر له ؛ فقيل له : بم نلت هذا ؟ قال بقولي : جاورت أعدائي وجاور ربَّه   ...

كرم عثمان بن عفان

أصاب الناس قحط في خلافة أبي بكر الصديق (ت13هـ) ,فلما اشتد بهم الأمر جاؤوا إلى أبي   بكر وقالوا : ياخليفة رسول الله - صلى   الله   علية وسلم -   إن السماء لم تمطر , والارض لم تنبت , وقد توقع الناس الهلاك , فما نصنع ؟ فقال   لهم : انصرفوا واصبروا , فإني أرجو الله ألاتمسوا حتى يُفرج الله عنكم  . فلما كان آخر   النهار ورد الخبر بأن عيرا_ابلًا- لعثمان بن عفان-رضي   الله   عنه –(ت35هـ) جاءت من   الشام , فلما جاءت خرج الناس يتلقونها , فإذا هي ألف بعير موسقة ُبراً وزيتا وزبيباً   ،   فأناخت بباب عثمان فلما جعلها في دارة جاء التٌجار , فقال لهم : ماتريدون ؟ قالوا : أنك   لتعلم مانريد  !   بعنا من هذا الذي وصل إليك , فإنك تعلم ضرورة الناس   إليه !     قال : حبًا   وكرامة , كم تُربحونني على شرائي ؟ قالوا : الدرهم درهمين : قال أُعطيت زيادةً على هذا   قالوا : أربعة , قال : أعطيت زيادة على هذا , قالوا : خمسة قال : أٌعطيت زيادةً على   هذا   قالوا : ياأبا عمرو , ما بقي في المدينة تُجارٌ غيرنا وم...

وصية للمعلمين

عتبة بن أبي سفيان (ت٤٤هـ) يوصي معلم أولاده فيقول (( ليكن أول ما تبدأ به من إصلاحك بني إصلاحك نفسك ، فإن أعينهم معقودة بعينيك فالحسن عندهم ما استحسنت ، والقبح عندهم ما استقبحت ، علمهم كتاب الله ولاتكرههم عليه فيملوه ، ولا تتركهم منه فيهجروه ، ثم روهم من الشعر أعفه ، ومن الحديث أشرفه ، ولا تخرجهم من علم إلى غيره حتى يحكموه فإن إزدحام الكلام في السمع مضلة للفهم ، وعلمهم سير الحكماء وأخلاق الأدباء وجنبهم محادثة النساء ، وتهددهم بي ، وأدبهم دوني ، وكن لهم كالطبيب الذي لا يعجل بالدواء حتى يعرف الداء ، ولا تتكل علي فإني قد أتكلت على كفايتك )) .       عيون الأخبار لابن قتيبة

كل ذي نعمة محسود

حدث منارة صاحب الخلفاء قال: رُفع إلى هارون الرشيد (ت193هـ) أن رجلاً من بقايا بني أمية عظيم الجاه، واسع الحال ، كثير المال والأملاك ، مطاعاً في البلد ، له جماعة أولاد ومماليك وموال يركبون الخيل ويحملون السلاح ويغزون الروم ، وأنه سمح جواد كثير البذل والضيافة ، وأنه لا يؤمن منه ، فعظم ذلك على هارون . قال منارة : وكان وقوف الرشيد على هذا إذ هو بالكوفة في بعض خرجاته إلى الحج ، وقد عاد من الموسم وبايع لأولاده ، فدعاني وهو خال فقال لي : قد دعوتك لأمر يهمني ، وقد منعني النوم ، فانظر كيف تعمل وكيف تكون . ثم قص علي خبر الأموي ، وقال : اخرج الساعة فقد أعددت لك الجمازات وأزحت علتك في الزاد والنفقة والآلات وضم إليك مائة غلام واخرج في النوبة ، وهذا كتابي إلى أمير دمشق ، وهذه قيود إذا دخلت البلد فابدأ بالرجل . فإن سمع وأطاع فقيده بها وجئني به ، وإلا فتوكل أنت ومن معك به حتى لا يهرب ، وأنفذ الكتاب إلى أمير البلد ليركب في جيشه، فاقبضوا عليه وجئني به ؛ وقد أجلتك لذهابك ستاً ولعودك ستاً ويوماً لمقامك ، وهذا محمل يجعل في شقه إذا قيدته ، وتقعد أنت في الشق الآخر، ولا تكل حفظه إلى غيرك حتى تأتيني به في اليوم...